گروه نرم افزاری آسمان

صفحه اصلی
کتابخانه
جلد دوم
[البقرة: 37






.[ فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِماتٍ [البقرة/ 37 :«2» اختلفوا فی قوله تعالی
فی رفع الاسم و نصب الکلمات، و نصب الاسم و رفع الکلمات. فقرأ ابن کثیر وحده: فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِماتٍ بنصب الاسم و رفع
صفحۀ 18 من 237
.«3» الکلمات. و قرأ الباقون: فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِماتٍ برفع الاسم و نصب الکلمات
قال أبو علی: قالوا: لقی زید خیرا، فتعدي الفعل إلی مفعول واحد، و فی التنزیل: فَإِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ کَفَرُوا [الأنفال/ 15 ] و فیه إِذا لَقِیتُمْ
فِئَۀً فَاثْبُتُوا وَ اذْکُرُوا اللَّهَ [الأنفال/ 45 ] و لَقَدْ لَقِینا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً [الکهف/ 62 ] فإذا ضعّفت العین منه، تعدي إلی مفعولین، ( 1) غیر
11 فی باب ما لا ینصرف فی المعرفۀ لا یمنع أن یکون شیطان من شیط یقول: شیطان إن أخذته من التشیطن / أن سیبویه فی الکتاب 2
فالنون عندنا فی مثل هذا من نفس الحرف إذا کان له فعل تثبت فیه النون، و إن جعلت دهقان من الدهق، و شیطان من شیّط لم
تصرفه.
2) فی (ط): عز و جل. )
. 3) السبعۀ 153 )
ص: 24
وَ لَقَّاهُمْ نَضْ رَةً وَ سُرُوراً [الدهر/ 11 ] و لیس تضعیف :«1» فقلت: لقّیت زیدا خیرا، فیصیر الاسم الذي کان الفاعل المفعول الأول، قال
فلیس بمنقول من ،«5» و خرّجته و أخرجته، أ لا تري أنک إذا قلت: ألقیت کذا «4» و أفرحته، و خرّج «3» علی حدّ فرّح ،«2» العین هنا
لقیته، کأشربته من شربته یدل علی أنه لیس بمنقول منه، أنه لو کان کذلک لتعدي إلی مفعولین، کما تعدي لقّیت، فلما لم یتعدّ إلی
علی بعض، علمت أنه استئناف بناء علی حدة، و لیست الهمزة همزة نقل «6» الثانی إلا بحرف الجر نحو ألقیت بعض متاعک بعضه
کالتی فی قولک:
ضربت زیدا، أو: أضربته إیاه، و شربت الماء و أشربته الماء، فجعلوا ألقیته بمنزلۀ طرحته، فی تعدّیه إلی مفعول واحد. فأما مصدر
التلاقی و القتال، و لقیته لقاء و لقیانا و لقاة. «7» لقیت، فقال أبو زید: لقیته لقیۀ واحدة فی
إِنَّ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا [یونس/ 7] أي: بدلا من الآخرة کما قال: أَ رَضِ یتُمْ بِالْحَیاةِ الدُّنْیا مِنَ :«8» فأمّا قوله
الْآخِرَةِ [التوبۀ/ 38 ] و معنی من الآخرة أي:
بدلا منها، کما قال: وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْکُمْ مَلائِکَۀً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ [الزخرف/ 60 ] أي: بدلا منکم، و مثل هذا قوله: إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْکُمْ
أَیُّهَا النَّاسُ وَ یَأْتِ بِآخَرِینَ ( 1) فی (ط): و قال.
2) فی (ط): هاهنا. )
3) فی (ط): فرّحته. )
4) سقطت من (ط). )
5) فی (ط): ألقیت زیدا. )
6) سقطت من (ط). )
7) فی (ط): من. )
8) فی (ط): عز و جل. )
ص: 25
.[ [النساء/ 133 ] و قوله: إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْکُمْ وَ یَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِکُمْ ما یَشاءُ کَما أَنْشَأَکُمْ مِنْ ذُرِّیَّۀِ قَوْمٍ آخَرِینَ [الأنعام/ 134
:«1» و قال الراعی
أخذوا المخاض من الفصیل غلبۀ ظلما و یکتب للأمیر أفیلا
:«2» و قال آخر
کسوناها من الرّیط الیمانی ملاء فی بنائقها فضول
صفحۀ 19 من 237
أي: بدلا من الریط.
یوجلون منها کما یوجل المؤمنون «3» و یکون قوله: لا یَرْجُونَ لِقاءَنا [یونس/ 7]. أي: لا یخافون ذلک، لأنهم لا یؤمنون بها، فلا
المصدقون بها، المعنیون بقوله: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ یَخْشاها [النازعات/ 45 ] و قال: وَ هُمْ مِنَ السَّاعَۀِ مُشْفِقُونَ [الأنبیاء/ 49 ] فیکون
الرجاء هنا الخوف کما قال:
:«4» ... لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً [نوح/ 13 ] و کما قال
324 . و انظر تخریجه هناك. و فیه: الغلبۀ: مصدر / إذا لسعته النّحل لم یرج لسعها ( 1) هو الشاهد ( 529 ) من شرح أبیات المغنی 1
غلب، و الأفیل: الفصیل.
38 . و هو فی وصف الإبل. / 2) أمالی ابن الشجري 1 )
أراد: کسوناها بدلا من الریط مسوحا، و الریط: ج ریطۀ و هی الملاءة، و البنائق: ج بنیقۀ- و هی کل رقعۀ ترقع فی القمیص. و أراد
بالمسوح عرقها، شبهه لسواده بالمسوح.
3) فی (ط): و لا. )
144 و عجزه: / 4) صدر بیت لأبی ذؤیب الهذلی فی شرح السکري 1 )
ص: 26
[ و قد یکون لا یرجون الرجاء الذي خلافه الیأس، کما قال: قَدْ یَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ کَما یَئِسَ الْکُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ [الممتحنۀ/ 13
أي: من الآخرة، فحذف من الآخرة لتقدم ذکرها کما قال: یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ [إبراهیم/ 48 ] فحذف المتأخّر
لدلالۀ ما تقدم علیه، و یجوز أن تکون: کما یئس الکفار من حشر أصحاب القبور.
و من ذلک قوله: وَ قالَ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلائِکَ ۀُ أَوْ نَري رَبَّنا [الفرقان/ 21 ] و قال: قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِلِقاءِ
اللَّهِ [الأنعام/ 31 ] فالمعنی و اللّه أعلم:
حَتَّی إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَۀُ بَغْتَۀً [الأنعام/ 31 ] و علی هذا «1» بالبعث، کما قال: بَلْ کانُوا لا یَرْجُونَ نُشُوراً [الفرقان/ 40 ] و یقوي ذلک
.[ قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ کافِرُونَ [السجدة/ 10
خلاف من وصف بقوله: «2» فأما قوله: تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب/ 44 ] فالمعنی: یوم یلقون ثوابه، فهم
فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیا [مریم/ 59 ] و قوله: وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّکُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ 223 ] أي: ملاقون جزاءه، إن ثوابا و إن عقابا. و قوله:
الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ 46 ] أي ملاقو ثواب ربّهم، خلاف من وصف بقوله: لا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْءٍ مِمَّا کَسَ بُوا [البقرة/
264 ] و قوله: حَتَّی إِذا جاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً [النور/ 39 ] و خالفها فی بیت نوب عوامل.
و نوب: تنتاب المرعی، و عوامل: تعمل العسل و الشمع.
1) فی (ط): قوله جل و عز. )
2) فی (ط): و هم. )
ص: 27
و نحو ذلک مما یدل علی إحباط الثّواب و أنهم إلیه راجعون، أي: یصدّقون بالبعث و لا یکذبون به، کما حکی عن المنکرین له فی
.[ الواقعۀ/ 47 ] و نحو قولهم فیه: إِنْ هذا إِلَّا أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ [الأنعام/ 25 ] «1» نحو: أَ إِذا مِتْنا وَ کُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
و الظنّ هاهنا العلم، و کذلک قول المؤمن: إِنِّی ظَنَنْتُ أَنِّی مُلاقٍ حِسابِیَهْ [الحاقۀ/ 20 ] فأما الآیۀ الأولی التی هی قوله:
الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ 46 ] أي: ثوابه، فقد یجوز أن لا یکون منهم القطع علی ذلک و الحتم به، بدلالۀ قول إبراهیم: وَ
الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ یَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی یَوْمَ الدِّینِ [الشعراء/ 82 ] فأما قوله: إِنِّی ظَنَنْتُ أَنِّی مُلاقٍ حِسابِیَهْ [الحاقۀ/ 20 ] فلا یکون إلا علی العلم
صفحۀ 20 من 237
و الشاكّ فیه لا إیمان له. «2» و التیقّن، لأن صحۀ الإیمان إنما یکون بالقطع علی ذلک و التّیقّن به
و یقال: لقیته و لاقیته، فمن لاقیت قوله: وَ اعْلَمُوا أَنَّکُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ 223 ] و الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ 46 ] و قال:
تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب/ 44 ] و لو کان یلاقونه کقوله: أَنَّکُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ 223 ] کان حسنا، و قال: وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا
1) ورد فی الأصل کلمۀ: (و آباؤنا) بدل (و عظاما) و هو إدراج من آیۀ ثانیۀ من سورة النمل: أَ إِذا کُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ )
.(67)
2) فی (ط): التیقن و الشاك. )
ص: 28
:«1» [البقرة/ 14 ] و قال
یا نفس صبرا کلّ حیّ لاق کأنه: لاق منیّته و أجله.
:«2» و قال آخر
فلاقی ابن أنثی یبتغی مثل ما ابتغی من القوم مسقیّ السّمام حدائده
:«3» و قال
و کان و إیّاها کحرّان لم یفق عن الماء إذ لاقاه حتّی تقدّدا
و أما قوله: وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَی الْکِتابَ فَلا تَکُنْ فِی مِرْیَۀٍ مِنْ لِقائِهِ [السجدة/ 23 ] فیکون علی إضافۀ المصدر إلی المفعول، مثل: بِسُؤالِ
نَعْجَتِکَ [ص/ 24 ] وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ( 1) بیت لراجز مجهول و بعده:
.216 / 157 و الدرر 2 / 248 الهمع 2 / 475 - المحتسب 1 / و کل اثنین إلی افتراق و هما فی الخصائص: 2
452 لمضرس بن ربعی / 239 . و نسبه الأعلم: للأشعث بن معروف الأسدي، و فی شرح أبیات سیبویه لابن السیرافی 1 / 2) سیبویه 1 )
الأسدي.
وصف لصا لقی لصا مثله یبتغی مثل ما یبتغیه. و السمام: جمع سم. و أراد بالحدائد نصال سهامه.
3) فی (ط): و قال آخر: )
150 قال الأعلم: الشاهد فیه قوله: و إیاها. و المعنی: فکان معها. یقول: کان غرضا إلیها، فلما / و البیت لکعب بن جعیل. انظر الکتاب 1
لقیها قتله الحب سرورا بها فکان کالحران- و هو الشدید العطش- أمکنه الماء و هو بآخر رمق، فلم یفق عنه حتی انقد بطنه، أي: انشق.
ص: 29
[الروم/ 3] لأن الضمیر للرّوم و هم المغلوبون کأنه: لمّا قیل:
فَخُذْها بِقُوَّةٍ [الأعراف/ 145 ] أي بجد و اجتهاد، أعلمنا أنه أخذ بما أمر به، و تلقاه بالقبول، فالمعنی: من لقاء موسی الکتاب، فأضیف
المصدر إلی ضمیر الکتاب، و فی ذلک مدح له علی امتثاله ما أمر به، و تنبیه علی الأخذ بمثل هذا الفعل کقوله: اتَّبِعْ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ
مِنْ رَبِّکَ [الأنعام/ 106 ] و فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القیامۀ/ 18 ] و یجوز أن یکون الضمیر لموسی، و المفعول به محذوف، کقوله: إِنْ
تَدْعُوهُمْ لا یَسْمَعُوا دُعاءَکُمْ [فاطر/ 14 ] فالدعاء مضاف إلی الفاعل، و المفعولون محذوفون. و مثل ذلک فی إضافۀ المصدر إلی
الفاعل، و حذف المفعول به قوله: لَمَقْتُ اللَّهِ أَکْبَرُ مِنْ مَقْتِکُمْ أَنْفُسَ کُمْ [المؤمن/ 10 ] و هذا علی قیاس من قرأ: فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ
کَلِماتٍ لأن موسی هو اللاقی، کما أن آدم هو المتلقّی.
و یجوز أن یکون الضمیر لموسی فی قوله: مِنْ لِقائِهِ و یکون الفاعل محذوفا، و المعنی من لقائک موسی، و یکون ذلک فی الحشر و
الاجتماع للبعث، أو فی الجنۀ، فیکون کقوله: فَلا یَصُدَّنَّکَ عَنْها مَنْ لا یُؤْمِنُ بِها [طه/ 16 ] فأما قوله: لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ [المؤمن/ 15 ] فإنه
یکون یوم تلاقی الظالم و المظلوم، و الجائر و العادل، و تلاقی الأمم مع شهدائها کقوله: وَ نَزَعْنا مِنْ کُلِّ أُمَّۀٍ شَ هِیداً [القصص/ 75 ] و
صفحۀ 21 من 237
مثل یوم التلاقی قوله: یَوْمَ یَجْمَعُکُمْ لِیَوْمِ الْجَمْعِ [التغابن/ 9] و قوله: لَیَجْمَعَنَّکُمْ إِلی یَوْمِ الْقِیامَۀِ لا رَیْبَ فِیهِ [النساء/ 87 ]. و نحو ذلک
من الآي.
و قوله: وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَۀُ یَوْمَئِذٍ یَتَفَرَّقُونَ [الروم/ 14 ]، فإن
ص: 30
هذا التفرق بعد الاجتماع و التلاقی الذي أضیف الیوم إلیهما، و ذلک بعد الأخذ للمظلوم من الظالم، و قد بیّن هذا بقوله:
فَرِیقٌ فِی الْجَنَّۀِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ [الشوري/ 7] فأما قوله:
35 ] و قد قال: یَوْمَ الْجَمْعِ و یَوْمَ التَّلاقِ، فلیس یراد بالفرار المضاف إلیه الیوم الشّراد و ، یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ، وَ أُمِّهِ وَ أَبِیهِ [عبس/ 34
لا النّفار، و أنت قد تقول لمن تکلّم: فررت مما لزمک، لا ترید بذلک بعادا فی المحل.
نصرته. کما کانوا، أو من مساءلۀ أخیه لاهتمامه بشأنه، «1» و تقدیر یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ: یوم یفر المرء من موالاة أخیه، أو من
فالفرار من موالاته یدل علیه قوله: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِینَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِینَ اتَّبَعُوا [البقرة/ 166 ] و أما الفرار من نصرته علی حد ما کانوا یتناصرون
فی الدنیا، فیدل علیه قوله:
42 ] و المسألۀ یدل علیها قوله: وَ لا یَسْئَلُ حَمِیمٌ ، یَوْمَ لا یُغْنِی مَوْلًی عَنْ مَوْلًی شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْ َ ص رُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ [الدخان/ 41
.[ حَمِیماً [المعارج/ 10
المؤمن/ 32 ] و کأنه اعتبر یوم یفرّ المرء من أخیه، فجعل التنادّ تفاعلا من ندّ البعیر: إذا شرد و ] «2» و قد روي أنّ بعضهم قرأ: یَوْمَ التَّنادِ
أن تقول: نددت من ما لزمک، و لا ناددت منه، کما تقول: فررت منه؟ و نري «3» نفر، و لیس ذلک بالوجه، أ لا تري أنه لیس یسهل
سیبویه یستعمل فی هذا المعنی فرّ کثیرا، و لا یستعمل ندّ، فلیس هذا الاعتبار إذا بالوجه. و أما ( 1) فی (ط): و من.
.(243 / 2) و هی قراءة ابن عباس و الضحاك و أبی صالح و الکلبی (المحتسب 2 )
3) فی (ط): أنه لا یسهل. )
ص: 31
یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ :«1» التنادي الذي علیه الکثرة و الجمهور، فإنه یدل علیه قوله: یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ إِلی شَیْءٍ نُکُرٍ [القمر/ 6] و قوله
بِإِمامِهِمْ [الإسراء/ 71 ] و یَوْمَ یَدْعُوکُمْ فَتَسْتَجِیبُونَ بِحَمْدِهِ [الاسراء/ 52 ]. فالتنادي أشبه بهذه الآي. أ لا تري أن الدعاء و النداء یتقاربان
إِذْ نادي رَبَّهُ نِداءً خَفِیا [مریم/ 3] فَنادَتْهُ الْمَلائِکَ ۀُ [آل عمران/ 39 ] و قال: فَدَعا رَبَّهُ أَنِّی مَغْلُوبٌ [القمر/ 10 ] فقد استعمل کلّ ،«2» به
واحد من النداء و الدعاء فی موضع الآخر، و لیس التنادّ و الفرار کذلک.
و أما قوله: (کلمات) فالکلمات: جمع کلمۀ، و الکلمۀ:
علی الکثیر من ذلک و القلیل، قالوا: «3» اسم الجنس، لوقوعها
قال امرؤ القیس فی کلمته، یعنون قصیدته، و قال قسّ فی کلمته، یعنون خطبته. و قال ابن الأعرابی: یقال: لفلان کلمۀ شاعرة، أي:
قصیدة. و قد قیل لکل واحد من الکلم الثلاث:
.«4» کلمۀ، فالکلمۀ کأنها اسم الجنس، لتناولها الکثیر و القلیل
فالکثیر نحو قوله: وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً [النبأ/ 10 ] وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ ،«5» کما أن اللیل لما کان کذلک وقع علی الکثیر منه أو القلیل
لَکُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْکُنُوا فِیهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [القصص/ 73 ] و من ثمّ جعله سیبویه فی جواب کم، إذا قیل: سیر علیه اللیل و النهار.
وقوعه علی القلیل و ما هو دون لیلۀ فنحو قوله: ( 1) کذا فی (ط)، و سقطت من (م). «6» و أما
2) فی (ط): و فی التنزیل. )
3) فی (ط): لوقوعه. )
صفحۀ 22 من 237
4) فی (ط): القلیل و الکثیر. )
5) فی (ط) القلیل منه و الکثیر. )
6) فی (ط): فأما. )
ص: 32
.[138 - وَ إِنَّکُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَیْهِمْ مُصْبِحِینَ وَ بِاللَّیْلِ [الصافات/ 137
فنحو ما قدمناه، و أما وقوعها علی القلیل، فإنّ سیبویه قد «1» فکذلک الکلمۀ قد وقعت علی القلیل و الکثیر. فأما وقوعها علی الکثیر
أوقعها علی الاسم المفرد، و الفعل المفرد، و الحرف المفرد. فأما الکلام: فإن سیبویه قد استعمله فیما کان مؤلّفا من هذه الکلم، فقال:
لو قلت: إن یضرب یأتینا، لم یکن کلاما، و قال أیضا: إنما یحکی: فقلت و نحوه، ما کان کلاما، لا قولا. فأوقع الکلام علی المتألّف، و
علی هذا الذي استعمله جاء التنزیل، قال تعالی: سَیَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلی مَغانِمَ لِتَأْخُ ذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْکُمْ یُرِیدُونَ أَنْ یُبَدِّلُوا
و اللّه أعلم یعنی به قوله: فَإِنْ رَجَعَکَ اللَّهُ إِلی طائِفَۀٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ «2» کَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا [الفتح/ 15 ] فالکلام المذکور هنا
لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِیَ أَبَداً وَ لَنْ تُقاتِلُوا مَعِیَ عَدُ  وا [التوبۀ/ 83 ] أ لا تري قوله: کَذلِکُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ [الفتح/ 15 ]. و الکلمات
فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِماتٍ [البقرة/ 37 ] فیما فسّر هی قولهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَ نا الآیۀ [الأعراف/ 22 ]. و سئل :«3» المذکورة فی قوله
:«4» بعض سلف المسلمین عما یقوله المذنب، فقال: یقول ما قال أبوه
و ما قاله موسی: قالَ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی [القصص/ 16 ] و ما قاله یونس: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ «5» ظَلَمْنا أَنْفُسَنا
من (ط). « علی الکثیر » 1) سقطت ) [ الظَّالِمِینَ [الأنبیاء/ 87
2) فی (ط): هاهنا. )
3) فی (ط): عز و جل. )
4) فی (ط): ما قاله أبوه آدم: رَبَّنا ظَلَمْنا .... )
5) فی (ط): الآیۀ. )
ص: 33
وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ :«2» الملکۀ: إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ [النمل/ 44 ] و أما الکلمات فی قوله تعالی «1» و ما قالته
بِکَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة/ 124 ] فالمراد بها انقیاده لأشیاء امتحن بها و أخذت علیه، منها: الکوکب، و الشمس، و القمر، و الهجرة، فی
قوله: إِنِّی مُهاجِرٌ إِلی رَبِّی [العنکبوت/ 26 ] و الختان، و عزمه علی ذبح ابنه، فالمعنی: و إذ ابتلی إبراهیم ربّه بإقامۀ کلمات [أو بتوفیۀ
أي: یعبّر بها عن هذه الأشیاء المسمّیات و علی هذا وصف فی قوله: «3» کلمات، و التقدیر ذوي کلمات
.[ وَ إِبْراهِیمَ الَّذِي وَفَّی [النجم/ 37
المضروب، و النسخ المنسوخ؟ فالقول: إنّ «4» فإن قلت: فهل یجوز أن یکون الکلم المتکلّم به، کما أنّ الصید هو المصید، و الضرب
فی المصادر، و لیس قولهم الکلم بمصدر. فإن قلت: فقد أجري قوم من العلماء ما کان من بناء المصدر مجري «5» هذا إنما جاء
:«6» المصدر، و استشهدوا علی ذلک بأشیاء، منها قولهم
1) فی (ط): قالت. ) «7» و بعد عطائک المائۀ الرّتاعا
2) فی (ط): عز و جل. )
3) ما بین المعقوفتین ساقطۀ من (ط). )
4) فی (ط): و الضرب هو. )
5) فی (ط): جاز. )
صفحۀ 23 من 237
6) فی (ط): قوله. )
. 7) سبق فی الجزء الأول من هذا الکتاب ص 182 )
ص: 34
لهم ن ّ ص ا علی ذلک. و مما ینبغی أن یحمل فیه الکلمات علی الشرع کقوله: وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ «1» فالقول: إنا لم نعلم
قوله: وَ صَ دَّقَتْ بِکَلِماتِ رَبِّها وَ کُتُبِهِ [التحریم/ 12 ] فالکلمات و اللّه أعلم تکون: الشرائع التی شرعت لها دون القول، لأن ذلک قد
استغرقه قوله تعالی: وَ کُتُبِهِ فکأن المعنی صدّقت بالشرائع فأخذت بها و صدّقت بالکتب فلم تکذّب بها. و مما یحمل من الکلم علی
إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ کَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ [النساء/ 171 ] فهذا- و اللّه أعلم- یعنی به. :«2» أنّه قول، قوله تعالی
قوله: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ [آل عمران/ 59 ] أي: قال من أجل خلقه: کن، فیکون، فسمّی کلمۀ لحدوثه عند قول ذلک.
و قوله: وَ تَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الْحُسْنی عَلی بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا [الأعراف/ 137 ] هی- و اللّه أعلم- قوله: وَ نُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ
وَ تَمَّتْ کَلِمَۀُ رَبِّکَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِکَلِماتِهِ [الأنعام/ 115 ] و :«3» اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّۀً الآیۀ [القصص/ 5] و قوله
تقدیرها: ذوي الکلمات أي ما عبر عنه بها «5» فیه و لا تبدیل له، و الکلمات «4» هو کقوله: ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [ق/ 29 ] أي: لا خلف
وَ أَلْزَمَهُمْ کَلِمَۀَ التَّقْوي ( 1) فی (ط): لا نعلم. :«6» من وعد و وعید، و ثواب و عقاب. و قوله
2) فی (ط): عز و جل. )
3) هکذا فی (ط): و سقطت من (م). )
4) فی (ط): لا خلاف. )
5) فی (ط): فالکلمات. )
6) فی (ط): عز و جل. )
ص: 35
و قد یجوز أن تکون کلمۀ التقوي: .«3» عن مجاهد، قال: لا إله إلا اللّه «2» بإسناده «1» [الفتح/ 26 ] [حدثنا یوسف بن یعقوب الأزرق
وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِکُمْ وَ کَفی بِاللَّهِ وَلِیا وَ کَفی بِاللَّهِ نَصِیراً مِنَ الَّذِینَ هادُوا :«4» شرائعه، التی أمروا بالأخذ لها و التمسک بها. و أما قوله
.[46 - یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ [النساء/ 45
:«5» فسألنی أحد شیوخنا عنه، فأجبت بأنّ التقدیر: و کفی باللّه نصیرا من الذین هادوا، فقوله: مِنَ الَّذِینَ هادُوا متعلق بالنّصرة، کقوله
فَمَنْ یَنْصُ رُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا [المؤمن/ 29 ] أي: من یمنعنا؟ فیکون: یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ- علی هذا- حالا من الذین هادوا، تقدیره: و
باللّه مانعا لهم منکم محرّفین الکلم. و أکثر الناس فیما علمت یذهبون إلی أن المعنی: من الذین هادوا یحرّفون الکلم، أي: «6» کفی
فریق یحرفون الکلم، فحذف الموصوف، و أقیمت الصفۀ مقامه، کقوله: وَ مِنْ آیاتِهِ یُرِیکُمُ الْبَرْقَ [الروم/ 24 ] أي: أنه یریکم فیها
1) یوسف بن یعقوب بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو بکر الأزرق ) :«7» البرق، أو یریکموها البرق، و هذا أشبه لقوله
329 ه) کتب لغۀ و نحوا و أخبارا عن أبی عکرمۀ الضبی صاحب المفضل، و حمل عن عمر بن شبۀ من هذه - التنوخی الکاتب ( 238
.(321 / العلوم فأکثر و عن الزبیر بن بکار و غیرهم. و کان ثقۀ، متعففا، عریض النعمۀ متخشا فی دینه کثیر الصدقۀ (تاریخ بغداد 14
2) ما بین المعقوفتین سقطت من (ط). )
.603 / 3) تفسیر مجاهد 2 )
4) فی (ط): عز و جل. )
5) فی (ط): کما قال. )
6) فی (ط): کفی. )
صفحۀ 24 من 237
7) فی (ط): بقوله. )
ص: 36
وَ مِنَ الَّذِینَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْکَ ذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِینَ لَمْ یَأْتُوكَ، یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ [المائدة/ 41 ] فکما أن یحرفون فی هذه الآیۀ
صفۀ لقوله: سَمَّاعُونَ کأنه قال: و من الذین هادوا فریق سمّاعون للکذب، أي: یسمعون لیکذبوا فیما یسمعونه منه، و یحرّفونه عنه،
سمّاعون لقوم آخرین لم یأتوك، یحرفون الکلم.
فکما أن یحرفون هنا، صفۀ لقوله: سَمَّاعُونَ، کذلک یکون فی الآیۀ الأخري. فإن قلت: فلم لا یکون حالا من الضمیر الذي فی قوله: لَمْ
یَأْتُوكَ؟ فإن ذلک لیس بالسهل فی المعنی، أ لا تري أن المعنی: و من الذین هادوا فریق یسمعون من النبی صلّی اللّه علیه و سلّم،
لَمْ یَأْتُوكَ، لأنهم إذا لم یأتوا :«1» لیکذبوا فیما یسمعونه، و یحرفون بکذبهم فیه، فإذا کان کذلک لم یکن حالا من الضمیر الذي فی
یحرفون: علی قیاس ما قلناه، فی قوله: وَ کَفی بِاللَّهِ ،«2» لم یسمعوا فیحرفوا، فإذا کان کذلک، کان وصفا و لم یکن حالا، و تکون
46 ] حالا من الضمیر الذي فی اسم الفاعل، کأنه: سمّاعون محرفین للکلم، أي: مقدرین - نَصِ یراً، مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ [النساء/ 45
تحریفه، کقوله: معه صقر صائدا به غدا. و هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَۀِ [المائدة/ 95 ] و قد یجوز أن یکون التحریف المعنیّ بقوله:
مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِ عِهِ [النساء/ 46 ] ما کانوا یقصدونه فی قولهم: راعِنا [البقرة/ 104 ] من السّب، و خلاف ما
( قال ال ّ ص قیل: ما کلّمت فلانا إلا ( 1 » : أبو زید «3» یقصده المسلمون، إذا خاطبوا رسول اللّه صلّی اللّه علیه و سلّم، من المراعاة. قال
سقطت من (ط).
2) فی (ط): و یکون. )
3) فی (ط): و قال. )
ص: 37
فهذا علی أمرین: «1» « مشاورة، تقول: أشرت إلیه و أشار إلیّ
أحدهما: أن یکون استثناء منقطعا، و الآخر علی: کلامک المشاورة، کقولک: عتابک السیف. فأما النطق و المنطق فکان القیاس فی
المنطق فتح العین، لأنه من نطق، لکنه قد جاء علی الکسر کما قال: إِلَیَّ مَرْجِعُکُمْ [آل عمران/ 55 ، لقمان/ 15 ] و قال: وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ
:«2» الْمَحِیضِ [البقرة/ 222 ] و قد استعمل رؤبۀ الکلام فی موضع النطق فقال
لو أننی أوتیت علم الحکل علم سلیمان کلام النمل
فهذا إنما أراد به قوله: وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ [النمل/ 16 ] فعبّر بالکلام بما عبّر عنه بالمنطق. و قول
:«3» أوس
ففاءوا و لو أسطو علی أمّ بعضهم أصاخ فلم ینطق و لم یتکلّم
و قال: لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ یَنْطِقُونَ [الأنبیاء/ 65 ] لأنها جماد لا کلام لها. و قال: یَوْمَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ «4» علی هذا تکریر
. أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما کانُوا یَعْمَلُونَ ( 1) نوادر أبی زید ص 259 و 260
2) من قصیدة لرؤبۀ فی أراجیز العرب/ 130 . و علم الحکل، یرید: علم العجماوات. و فی (ط) ورد الشطر الأول: فقلت لو أعطیت. )
3) دیوان أوس بن حجر/ 123 ، علی أمّ بعضهم: علی بعضهم. أصاخ: )
سکت مفحما.
4) فی (ط): و قول أوس علی هذا تکریر. )
ص: 38
.[ کلام و قول. و قال: وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَیْنا؟ قالُوا: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ کُلَّ شَیْءٍ [فصلت/ 21 :«1» [النور/ 24 ] و الشهادة
صفحۀ 25 من 237
و من ذلک قوله: یَوْمَئِذٍ یَوَدُّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّي بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا یَکْتُمُونَ اللَّهَ حَ دِیثاً [النساء/ 42 ] لأن ما ذکر من
جوارحهم تشهد علیهم، فقیل: لا یکتمون، لمّا کان إظهار ذلک و إبداؤه بجوارحهم.
و القول، و الکلام، و المنطق، یستعمل کل واحد من ذلک فی موضع الآخر و یعبر بکل واحد منها کما عبر بالآخر، قال:
وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ [الشعراء/ 226 ] و قال: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ [النمل/ 16 ] و قال عن الهدهد: فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ
[النمل/ 22 ] فأما قوله: هذا کِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْکُمْ بِالْحَقِّ [الجاثیۀ/ 28 ] فهو فی المعنی: کقوله: ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلَّا
أَحْصاها [الکهف/ 49 ] و قوله: وَ کُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ کِتاباً [النبأ/ 29 ] أي: کل شیء من أعمالهم، کما قال: وَ کُلُّ شَیْءٍ فَعَلُوهُ فِی الزُّبُرِ،
53 ] و قال: أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ [المجادلۀ/ 6] و قال: وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ - وَ کُلُّ صَغِیرٍ وَ کَبِیرٍ مُسْتَطَرٌ [القمر/ 52
.[ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَۀِ کِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً [الإسراء/ 13 ] و قال: هُنالِکَ تَبْلُوا کُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ [یونس/ 30
1) فی (ط): فالشهادة. ) :«2» و أنشد أبو الحسن
.« فاجتنبتنا » بدل « الأسحار » :( 2) لم نعثر علی قائله. و قد وردت قافیۀ البیت فی (ط )
ص: 39
:«1» صدّها منطق الدّجاج عن القص*- د و صوت الناقوس فاجتنبتنا و أنشد
«2» : فصبّحت و الطیر لم تکلّم خابیۀ طمّت بسیل مفعم و قال
فلم ینطق الدیک حتی ملأ ت کوب الرّباب له فاستدارا
:«3» فوضع کلّ واحد من الکلام و النطق موضع الصوت فی قوله
لمّا تذکّرت بالدّیرین أرّقنی صوت الدجاج و قرع بالنواقیس
[ و إنما یعنی: انتظاره صوت الدیکۀ. و لم نر النطق مسندا إلی القدیم. کما أضیف إلیه الکلام فی قوله: حَتَّی یَسْمَعَ کَلامَ اللَّهِ [التوبۀ/ 6
1) اللسان مادة (طمّ). أنشده ابن ) :«4» و قد جاءت هذه الکلمۀ فی اللغۀ فیما یطیف بالشیء و یحیط به کقوله: النّطاق و المنطقۀ. و قال
بري و لم یسم الراجز.
2) البیت للأعشی یمدح فیه قیس بن معد یکرب. و معناه: أملأ لصاحبی کوب الساقیۀ، فلا یصیح دیک الصباح حتی یکون قد انتشی )
. و غشیه الدوار. انظر الدیوان/ 47
.324 / 126 ، و انظر شرح أبیات المغنی 1 / 3) البیت لجریر فی دیوانه 1 )
4) البیت للأسود بن یعفر و هو من مفضلیۀ برقم 44 ص 218 و انظر تخریجها فیه. دراهم الأسجاد: دراهم ضربها الأکاسرة. و وردت )
فی (ط): لدراهم
ص: 40
من خمر ذي نطف أغنّ منطّق وافی بها لدراهم الأسجاد
تکریرا، و کان کلّ واحد منهما لمعنی غیر الآخر. « لم ینطق و لم یتکلّم » : فإذا کان کذلک لم یکن قول أوس
:«1» و أنشد بعض البغداذیین
فإن تنطق الهجراء أو تشر فی الخنا فإنّ البغاث الأطحل اللّون ینطق
فأسند إلی البغاث النطق.
الإعراب
الأفعال المتعدیۀ إلی المفعول به علی ثلاثۀ أضرب:
منها ما یجوز فیه أن یکون الفاعل له مفعولا به. و منها: ما یجوز أن یکون المفعول به فاعلا له، نحو: أکرم بشر بکرا، و شتم زید عمرا
صفحۀ 26 من 237
و ضرب عبد اللّه زیدا. «2»
و منها: ما لا یکون فیه المفعول به فاعلا له نحو: دققت و هو تحریف، و فی اللسان (سجد) کدراهم بدل لدراهم.
و النطف: جمع نطفۀ و هی القرط. و الأغن: الذي یخرج صوته من خیاشیمه. منطق: غلام علیه نطاق.
1) لم نعثر علی قائله. تشري: تلج. أطحل: من الطحلۀ: لون بین الغبرة و البیاض لسواد قلیل، و بغاث الطیر و بغاثها: ألائمها و شرارها و )
ما لا یصید منها، واحدتها: بغاثۀ، بالفتح، الذکر و الأنثی فی ذلک سواء (اللسان بغث).
2) فی (ط): أکرم بشر عمرا، و شتم زید بکرا. )
ص: 41
الثوب، و أکلت الخبز، و سرقت درهما و أعطیت دینارا، و أمکننی الغوص.
نالنی :«2» تقول ،«1» و منها: ما یکون إسناده إلی الفاعل فی المعنی، کإسناده إلی المفعول به، و ذلک نحو: أصبت، و نلت، و تلقّیت
:«4» و تلقیته، قال ،«3» خیر، و نلت خیرا، و أصابنی خیر، و أصبت خیرا، و لقینی زید، و لقیت زیدا، و تلقانی
إذا أنت لم تعرض عن الجهل و الخنا أصبت حلیما أو أصابک جاهل
وَ :«6» وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْکِبَرُ [آل عمران/ 40 ] وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْکِبَرِ عِتِیا [مریم/ 8]. و کذلک: أفضیت إلیه، و أفضی إلیّ، و قال :«5» و قال
فی «7» قَدْ أَفْضی بَعْضُکُمْ إِلی بَعْضٍ [النساء/ 21 ]. و إذا کانت معانی هذه الأفعال علی ما ذکرنا، فنصب ابن کثیر لآدم و رفعه الکلمات
المعنی، کقول من رفع آدم و نصب الکلمات.
و من حجّۀ من رفع: أنّ علیه الأکثر، و مما یشهد للرفع قوله: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِکُمْ [النور/ 15 ] فأسند الفعل إلی المخاطبین و المفعول به
کلام متلقّی. فکما أسند الفعل إلی المخاطبین، فجعل التلقّی ( 1) فی (ط): و تلقیت و لقیت. «8» کلام یتلقّی، کما أنّ الذي تلقّاه آدم
2) فی (ط): و تقول. )
3) فی (ط): و تلقانی زید. )
4) ورد عند زهیر فی دیوانه ص 300 و عند کعب بن زهیر انظر دیوانه/ 257 و فیهما: لم تقصر. )
5) فی (ط): قال. )
6) فی (ط): و قال سبحانه. )
7) فی (ط): للکلمات. )
8) فی (ط): تلقی آدم من ربه. )
ص: 42
لهم، کذلک یلزم أن یسند الفعل إلی آدم، فیجعل التّلقّی له دون الکلمات. و من ذلک قول القائل: فی آیات تلقّیتها عن عمّی، تلقّاها
عن أبی هریرة. فجعل الکلام مفعولا به، و أسند الفعل إلی الآخذ له دون الکلام، فکذلک ینبغی أن یکون فی الآیۀ.
.«1» و مما یقوّي الرفع فی آدم أنّ أبا عبیدة قال فی تأویل قوله: فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِماتٍ [البقرة/ 37 ] أي: قبلها
لا یَنالُ عَهْدِي :«2» فإذا کان آدم القابل، فالکلمات مقبولۀ. و مثل هذه الآیۀ فی إسناد الفعل فیها مرّة إلی الکلمات و مرة إلی آدم قوله
الظَّالِمِینَ [البقرة/ 124 ] و فی حرف عبد اللّه فیما قیل:
(لا ینال عهدي الظالمون) فلمن رفع أن یقول: وَ لا یَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَیْلًا [التوبۀ/ 120 ] فأسند الفعل إلیهم، و لم یقل: و لا ینالهم من عدو
نیل، و النّیل: یکون مصدرا کالبیع. و یکون الشیء الذي ینال، مثل الخلق، و الصّید، و ضرب الأمیر. و قوله:
.«3» تفرجۀ القلب قلیل النیل
یجوز أن یکون المعنی: قلیل ما ینال، کما یقال: قلیل الکسب، و یکون قلیل النیل: قلیل ما ینیل، و کلاهما ذمّ.
صفحۀ 27 من 237
.38 / 1) مجاز القرآن 1 ) .[ لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران/ 92 :«4» و قال
2) فی (ط): قوله تعالی. )
3) بیت من الرجز فی اللسان (فرج) و (ندل) أنشده ثعلب و بعده: )
یلقی علیه نیدلان اللیل و تفرجۀ: جبان ضعیف- النیدلان: الکابوس، و قیل: هو مثل الکابوس.
4) فی (ط): و قال تعالی. )
ص: 43
وَ لکِنْ یَنالُهُ التَّقْوي مِنْکُمْ :«1» و حجّۀ من قرأ بالنصب قوله: لا یَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَۀٍ [الأعراف/ 49 ] و لم یقل لا ینالون اللّه برحمۀ کما قال
[الحج/ 37 ] فکما أسند الفعل إلی التقوي دون اسم اللّه سبحانه، کذلک کان یمکن لا ینالون اللّه برحمۀ أي: مرحوما به، یرحمون
عباده به، و کأنّ المعنی فی: لَنْ یَنالَ اللَّهَ لُحُومُها [الحج/ 37 ] لن ینال قربۀ اللّه أو ثواب اللّه قربۀ لحومها و دمائها، أو ثوابهما، لأن ذلک
لیس بقربۀ علی حدّ ما یتقرّبون به، و یتنسّ کون فلا یقبله، و لا یثیب علیه، من حیث کان معصیۀ، و لکن یقبل من ذلک ما کان عن
تقوي اللّه و طاعته دون ما کان من المعاصی التی قد کرهها و نهی عنها. و کأنّ المراد بینال: معنی القبول. کما قال: أَ لَمْ یَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
هُوَ یَقْبَلُ التَّوْبَۀَ عَنْ عِبادِهِ وَ یَأْخُ ذُ الصَّدَقاتِ [التوبۀ/ 104 ] فمعنی قبوله التوبۀ أن یبطل به ما کان یستحقّ من العقوبات التی تکفّرها
التوبۀ، و أخذ الصّدقات هو الجزاء علیها و الإثابۀ من أجلها.
[ [البقرة: 48
.[ اختلفوا فی الیاء و التاء من قوله تعالی: و لا تقبل منها شفاعۀ [البقرة/ 48
فقرأ ابن کثیر و أبو عمرو: و لا تقبل بالتّاء. و قرأ نافع و ابن عامر و حمزة و الکسائیّ: وَ لا یُقْبَلُ بالیاء. و روي یحیی بن آدم و ابن أبی
1) فی ) .«2» أمیّۀ و الکسائی و غیرهم عن أبی بکر و حفص عن عاصم بالیاء. و روي الحسین الجعفیّ عن أبی بکر عن عاصم بالتاء
(ط): و قال تعالی.
. 2) کتاب السبعۀ ص 154 )
ص: 44
المعنی فی قوله: لا یُقْبَلُ مِنْها شَ فاعَۀٌ. لا یقبل فیه منها شفاعۀ، فمن ذهب إلی أن (فیه) محذوفۀ من قوله: وَ اتَّقُوا یَوْماً :«1» قال أبو علیّ
لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ [البقرة/ 48 ] جعل (فیه) محذوفۀ بعد قوله: یقبل. و من ذهب إلی أنه حذف الجارّ و أوصل الفعل إلی
المفعول، ثم حذف الرّاجع من الصّفۀ. کما یحذف من الصّلۀ، کان مذهبه فی قوله: لا یُقْبَلُ أیضا مثله.
و حذف الهاء من الصفۀ یحسن، کما یحسن حذفها من الصلۀ، أ لا تري أن الفعل لا یتسلّط بحذف المفعول منه علی الموصوف کما
لا یتسلّط بذلک علی الموصول؟
:«2» فممّا حذف منه الراجع من الصّفۀ قوله
و ما شیء حمیت بمستباح و قول الأسود بن یعفر:
و فاقر مولاه أعارت رماحنا سنانا کقلب الصّقر فی الرّمح منجلا
1) سقطت من (ط). ) «3»
2) عجز بیت لجریر یمدح عبد الملک و صدره: )
أبحت حمی تهامۀ بعد نجد یرید عبد اللّه بن الزبیر و قتله إیاه، و غلبته علی ما کان فی یدیه.
.89 / انظر شرح أبیات المغنی الشاهد 741 و دیوان جریر 1
صفحۀ 28 من 237
3) الفقر: حزّ أنف البعیر الصعب بحدیدة حتی یخلص إلی العظم، أو قریب منه، ثم یلوي علیه جریر لتذلیله و ترویضه (التاج فقر). )
ص: 45
فالهاء العائدة إلی المنکور الموصوف محذوفۀ، و هی المفعول الأوّل لأعارت. و موضع الجملۀ جرّ، کما أن موضع الجملۀ التی هی
:«2» و من الحذف قوله .«1» تقبل نصب بالعطف علی الجملۀ التی هی وصف قبلها
تروّحی أجدر أن تقیلی غدا بجنبی بارد ظلیل
:«3» المعنی: تأتی مکانا أجدر أن تقیلی فیه. فحذف الجارّ، فوصل الفعل ثم حذف الضمیر. و ممّا لم یحذف فیه الرّاجع من الصفۀ قوله
فی ساعۀ یحبّها الطّعام و هذا فی المعنی قریب من قوله: وَ أَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْآزِفَۀِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَي الْحَناجِرِ کاظِمِینَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ حَمِیمٍ وَ
.[ لا شَفِیعٍ یُطاعُ [المؤمن/ 18
فالمعنی: ما للظالمین فیه من حمیم و لا شفیع یطاع، و لیست الجملۀ التی هی: ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ حَمِیمٍ صفۀ کما ( 1) فی (ط): لما قبلها.
2) الرجز لاحیحۀ بن الجلاح یخاطب فسیلا. تروح النبت إذا طال. تقیلی: )
103 - الأشمونی / 36 ، التصریح 2 / 343 - العینی 4 / 212 - أمالی ابن الشجري 1 / من القیلولۀ، کنی به عن النمو و الزهو.- المحتسب 1
.46 /3
. 875 - و الکامل/ 34 / 243 - و 14 / 3) ورد فی المخصص 12 )
و لم یذکر قائله. و قوله: یحبّها، أي: یحب فیها. و قبله فی الکامل:
قد صبّحت صبّحها السلام بکبد خالطها سنام
ص: 46
- کانت فی الآیۀ الأخري صفۀ. و مثل ذلک قوله: یَوْمَ لا یُغْنِی مَوْلًی عَنْ مَوْلًی شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْ َ ص رُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ [الدخان/ 41
42 ]. و قبول الشیء: هو تلقّیه و الأخذ به و خلاف الإعراض عنه، و من ثم قیل لتجاه الشیء: قبالته، و قالوا: أقبلت المکواة الداء، أي:
:«1» جعلتها قبالته. قال
و أقبلت أفواه العروق المکاویا و یجوز أن یکون المخاطبون بذلک الیهود، لأنهم زعموا أن آباءها الأنبیاء تشفع لها، فأویسوا من
ذلک.
:«2» و قریب من هذا قوله: قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُکُمْ بِذُنُوبِکُمْ [المائدة/ 18 ]. فأما الشفاعۀ فنراها من الشّفع الذي هو خلاف الوتر، قال
و أخو الأباءة إذ رأي خلّانه تلّی شفاعا حوله کالإذخر
فکأنه سؤال من الشفیع، یشفع سؤال المشفوع له.
:( و لیس معنی لا تقبل منها شفاعۀ أنّ هناك شفاعۀ لا تقبل، أ لا ( 1) عجز بیت لابن احمر و صدره فی (شعره/ 171
شربت الشّ کاعی و التددت ألدّة و الألدة ج لدود و هو ما یصب بالمسعط من الدواء فی أحد شقی الفم، و قد لدّ الرجل، و التدّ هو. و
الشکاعی: نبت یتداوي به (اللسان: لدد و شکع).
2) البیت لأبی- کبیر الهذلی. و الإذخر: حشیش طیب الریح. و الأباءة: )
1083 - اللسان: مادة / 103 - شرح السکري 3 / الأجمۀ. و تلّی: صرعی، شفاعا: اثنین اثنین، یرید: قتلی کثیرة. انظر دیوان الهذلیین من 2
(ذخر).
ص: 47
تري أن فی قوله: وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ، ارْتَضی [الأنبیاء/ 28 ] انتفاء الشفاعۀ عمن سوي المرتضین، فإذا کان کذلک، کان المعنی لا
تکون شفاعۀ فیکون لها قبول، کما أن قوله: لا یَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً [البقرة/ 273 ] معناه: لا یکون منهم سؤال فیکون منهم إلحاف،
صفحۀ 29 من 237
کقوله:
علی لا حب لا یهتدي لمناره إذا سافه العود الدّیافیّ جرجرا
:«2» و قوله «1»
لا یفزع الأرنب أهوالها و لا تري الضبّ بها ینجحر
1) البیت لامرئ القیس دیوانه/ 89 ، دیاف: موضع فی البحر، و هی أیضا قریۀ بالشام. اللاحب: الطریق الواضح. منار: ج منارة. و ) «3»
أصلها منورة، و سمی بذلک لأنها فی الأصل کل مرتفع علیه نار. سافه: شمّه. و العود:
البعیر الهرم- و الجرجرة: صوت یردده البعیر فی حنجرته. و قوله: لا یهتدي لمناره، لم یرد أن فیه منارا لا یهتدي به، و لکنه نفی أن
یکون به منار، و المعنی: لا منارة به فیهتدي به.
.273 / اللسان/ دیف/ الخزانۀ 4
. 273 و شعره ص 67 / 2) البیت لعمرو بن أحمر فی وصف فلاة- الخزانۀ 4 )
المعنی: نفی أن یکون فی الفلاة حیوان.
و مثل ذلک قول أبی ذؤیب الهذلی: » : 3) ورد فی هامش (ط) ما یلی )
متفلق أنساؤها عن قانئ کالقرط صاو غبره لا یرضع
.« أي لیس ثم غبر فیکون رضاع
35 و القانئ: الضرع کان أسود فاحمر فإذا ذهب لبنه اسود، صاو: یابس، کالقرط: أي الضرع کأنه قرط / و البیت فی شرح السکري 1
فی صغره، و الغبر: بقیۀ اللبن. لا یرضع أي أنها لم تحمل قط أي لیس فیه لبن یشرب.
ص: 48
فأما قوله: وَ کَمْ مِنْ مَلَکٍ فِی السَّماواتِ لا تُغْنِی شَ فاعَتُهُمْ شَیْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَرْضی [النجم/ 26 ] فالمعنی: لا
تغنی شفاعتهم أن لو شفعوا، لیس أنّ هناك شفاعۀ مثبتۀ، و مثله: وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَۀُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ/ 23 ] و مثله: یَوْمَئِذٍ لا
:«1» تَنْفَعُ الشَّفاعَۀُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِیَ لَهُ قَوْلًا [طه/ 109 ] فأطلق علی المعنی الاسم، و إن لم یحدث کما قال
لما تذکّرت بالدّیرین أرّقنی صوت الدّجاج و قرع بالنّواقیس
و المعنی: انتظار أصواتها، فأوقع علیه الاسم، و لمّا یکن. فإضافۀ الشفاعۀ إلیهم کإضافۀ الصوت إلیها. و یدلک علی أن المعنی فی
یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِکَ ۀُ صَ  فا لا یَتَکَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ :«2» قوله: لا تُغْنِی شَ فاعَتُهُمْ ما ذکرنا، الآیۀ التی تقدم ذکرها. و قوله
الرَّحْمنُ [النبأ/ 38 ] و الشفاعۀ: کلام.
فأما قوله: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَرْضی [النجم/ 26 ] فالمعنی: لمن یشاء شفاعته علی إضافۀ المصدر إلی المفعول به،
الذي هو مشفوع له، ثم حذف المضاف، و أقیم المضاف إلیه مقامه، فصار اللفظ: لمن یشاؤه. أي یشاء شفاعته، ثم حذف الهاء من
الصلۀ. فأما قوله: و یرضی.
کما أنّ قوله: وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی [الأنبیاء/ 28 ] العائد منه إلی الموصول محذوف، ( 1) انظر ص/ 39 من ،«3» فتقدیره: یرضاه
هذا الجزء.
2) فی (ط): قوله تعالی. )
3) فی (ط): و یرضاه. )
ص: 49
[ فکذلک العائد من یرضی. و أما قوله: وَ یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَضُ رُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [یونس/ 18
صفحۀ 30 من 237
فی قوله: «2» بالبعث و النشور کالأعشی «1» فإنما یعنون بقولهم: عند اللّه، فی البعث. لأن منهم من قد کان معترفا
بأعظم منک تقی للحساب إذا النّسمات نفضن الغبارا
:«3» و قول زهیر
یؤخّر فیوضع فی کتاب فیدّخر لیوم الحساب أو یعجّل فینقم
و قد کذّبهم اللّه فی قولهم ذلک بقوله: قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا یَعْلَمُ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ [یونس/ 18 ] و قوله: وَ إِذا حُشِرَ «4»
بعبادتهم إیاها «5» النَّاسُ کانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ کانُوا بِعِبادَتِهِمْ کافِرِینَ [الأحقاف/ 60 ]. فالمصدر مضاف إلی الفاعلین، و المعنی: کانوا
کافرین. و مثل هذا قوله:
وَ قالَ شُرَکاؤُهُمْ ما کُنْتُمْ إِیَّانا تَعْبُدُونَ [یونس/ 28 ] فالشرکاء فی هذه الآیۀ هم الآلهۀ التی کانوا یعبدونها. و کذلک فی قوله: ( 1) فی
(ط): یعترف.
2) دیوانه/ 53 - و فیه: (تقی فی الحساب) النسیم: نفس الریح إذا کان ضعیفا (اللسان). )
3) فی (ط): و قوله. )
. 4) انظر معلقۀ زهیر بن أبی سلمی: دیوانه ص 18 و جمهرة أشعار العرب/ 107 )
5) فی (ط): و کانوا. )
ص: 50
وَ إِذا رَأَي الَّذِینَ أَشْرَکُوا شُرَکاءَهُمْ، قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَکاؤُنَا الَّذِینَ کُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِکَ [النحل/ 86 ] فإنما أضیف الشرکاء إلی الذین
فی قوله: «1» أثبتوهم شرکاء لادّعائهم شرکتهم للقدیم سبحانه و تعالی عن ذلک. و قد جاء إضافۀ هؤلاء الشرکاء أیضا إلی اللّه تعالی
و إنما أضافهم إلیه علی حسب ما کانوا یضیفونهم ،«2» وَ یَوْمَ یُنادِیهِمْ أَیْنَ شُرَکائِی [فصلت/ 47 ] فهذا لم یثبت به شرکاء اللّه تعالی
إلیه، فحکی ذلک.
و علی هذا قوله: وَ قالُوا یا أَیُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّکَ [الزخرف/ 49 ] و هذا مما یعلم به أنّ المضاف إذا کان له ضرب من الملابسۀ
بالمضاف إلیه، جازت إضافته إلیه، و علی هذا قوله:
فأضاف الإناء إلی الشارب لشربه منه و إن کان ملکا للمشروب لبنه، أو فی یده علی غیر وجه الملک. «3» لتغنی عنّی ذا إنائک أجمعا
1) فی (ط): عز و جل. )
2) فی (ط): عز و جل. )
3) عجز بیت لحریث بن عنّاب و صدره: )
8 مجالس ثعلب 606 . قال السید فی / 276 ابن یعیش 3 / 580 شرح شواهد المغنی 4 / إذا قال قطنی قلت باللّه حلفۀ انظر خزانۀ الأدب 4
شرح المفتاح: فیه استشهادان، أحدهما:
أن الإناء للمضیف، و قد أضافه إلی الضیف لملابسته إیاه فی شربه منه، و فی جعل هذه الملابسۀ بمنزلۀ الاختصاص الملکی مبالغۀ فی
إکرام الضیف و اللطف. و الثانی: أن ذا بمعنی صاحب، و أرید به اللبن، و أضیف إلی الإناء لملابسته إیاه لکونه فیه، فهذه أیضا إضافۀ
.(279 / 583 شرح أبیات المغنی 4 / لأدنی ملابسۀ (الخزانۀ 4
ص: 51
[44 - و من ذلک قوله: أَمِ اتَّخَ ذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ، قُلْ أَ وَ لَوْ کانُوا لا یَمْلِکُونَ شَیْئاً وَ لا یَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَۀُ جَمِیعاً [الزمر/ 43
فی الآخرة. و إنما نسبت «2» : قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَۀُ جَمِیعاً معناه «1» : فهذا مثل قوله: وَ یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [یونس/ 18 ]. و قوله
الشفاعۀ إلیه سبحانه إبطالا لشفاعۀ من ادّعیت شفاعتهم لهم من الآلهۀ، و نفیا لها، و إعلاما أن الملائکۀ فی الآخرة لا یشفعون إلا لمن
صفحۀ 31 من 237
أذن لهم فی الشفاعۀ له، فنسبت الشفاعۀ إلی اللّه لمّا لم تکن إلا بأمره و إذنه فیها، و إن کانت الملائکۀ فاعلیها فی الحقیقۀ، فأما فی
قوله: وَ لا هُمْ «3» الدنیا فقد تکون الشفاعۀ لغیر اللّه. و الضمیر فی (منها) من قوله: و لا تقبل منها عائد إلی نفس علی اللفظ، و فی
یُنْصَرُونَ علی المعنی، لأنه لیس المراد المفرد فلذلک جمع.
فأما حجۀ من قال: و لا تقبل فألحق علامۀ التأنیث، فهی أنّ الاسم الذي أسند إلیه هذا الفعل مؤنّث، فیلزم أن یلحق المسند أیضا علامۀ
.«4» التأنیث، لیؤذن لحاق العلامۀ بتأنیث الاسم، کما ألحق الفصل حیث ألحق، لیؤذن بأنّ الخبر معرفۀ أو قریب من المعرفۀ
1) فی ) :«5» و مما یقوي ذلک أن کثیرا من العرب إذا أسندوا الفعل إلی المثنی أو المجموع، ألحقوه علامۀ التثنیۀ أو الجمع کقوله
(ط): و قوله تعالی.
2) فی (ط): فهذا معناه الشفاعۀ فی الآخرة. )
3) فی (ط): فی. )
4) فی (ط): قریب منها. )
5) قطعۀ من بیت لعمرو بن ملقط و تمامه: )
ألفیتا عیناك عند القفا أولی فأولی لک ذا واقیه
.361 / و هو الإنشاد 599 من قصیدة أوردها البغدادي فی شرح أبیات المغنی 2
ص: 52
ألفیتا عیناك ....
فکما ألحقوا هاتین العلامتین لتؤذنا بالتثنیۀ و الجمع، کذلک ألحقت علامۀ التأنیث الفعل لیؤذن «1» و قوله: ... یعصرن السّلیط أقاربه
بما فی الاسم منه، و کانت هذه العلامۀ أولی من لحاق علامتی التثنیۀ و الجمع، للزوم علامۀ التأنیث الاسم، و انتفاء لزوم هاتین
العلامتین الاسم، و بحسب لزوم المعنی تلزم علامته، أ لا تري أن ما لا یلزم فی کلامهم قد لا یعتدّ به اعتداد اللازم، کالواو الثانیۀ فی
.[ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَۀُ مُشْرِقِینَ [الحجر/ 73 «4» : یحسن إلحاقه الفعل، و قد قال «3» التأنیث الاسم «2» قوله: (و وري) فبحسب لزوم علامۀ
.[ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَۀُ بِالْحَقِّ [المؤمنون/ 41
فکما تثبت العلامۀ فی هذا النحو، کذلک ینبغی أن تثبت فی نحو قوله: تَقَبَّلْ.
یلحق: أن التأنیث فی الاسم لیس بحقیقی، و إذا کان کذلک حمل علی المعنی فذکّر، أ لا تري أن الشفاعۀ و «5» و من حجۀ من لم
فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَ ۀٌ مِنْ رَبِّهِ [البقرة/ 275 ] وَ أَخَذَ :«6» التشفّع بمنزلۀ، کما أن الوعظ و الموعظۀ، و الصیحۀ و الصوت کذلک، و قد قال
.[ الَّذِینَ ظَلَمُوا الصَّیْحَۀُ [هود/ 67
. کذلک یحسن أن لا تلحق فی ( 1) قطعۀ من بیت للفرزدق سبق فی الجزء الأول ص 99 ،«7» فکما لم تلحق العلامۀ هنا
2) سقطت من (ط). )
3) فی (ط): فی الاسم. )
4) فی (ط): قال تعالی. )
5) فی (ط): لا. )
6) فی (ط): قال تعالی. )
7) فی (ط): هاهنا. )
ص: 53
قوله: و لا تقبل لاتفاق الجمیع فی أن ذلک تأنیث غیر حقیقی. و کلا الأمرین قد جاء به التنزیل کما رأیت.
صفحۀ 32 من 237
و مما یقوّي التّذکیر أنه قد فصل بین الفعل و الفاعل بقوله: مِنْها. و التذکیر یحسن مع الفصل، کما حکی من قولهم: حضر القاضی
الیوم امرأة. فإذا جاء التذکیر فی الحقیقی مع الفصل فغیره أجدر بذلک. فأما ما قاله أحمد بن یحیی: من أن التذکیر أجود لقول ابن
.«1» فإنّ قول ابن مسعود لا یخلو من أن یرید به التذکیر الذي هو خلاف التأنیث، أو یرید به معنی غیر ذلک « ذکّروا القرآن » : مسعود
ذکّروا فیه التأنیث الذي هو غیر حقیقی، أو التأنیث الذي هو حقیقی، فلا :«2» فإن أراد به خلاف التأنیث، فلیس یخلو من أن یرید
کثرة، کقوله: وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ «3» یجوز أن یرید التأنیث الذي هو غیر حقیقیّ لأن ذلک قد جاء منه فی القرآن ما یکاد لا یحصی
وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القیامۀ/ 29 ] و: قالَتْ رُسُلُهُمْ [إبراهیم/ 10 ] و: :«4» [الأنعام/ 32 ] و کقوله: النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ [الحج/ 72 ] و قوله
کَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِیَۀٍ [الحاقۀ/ 7] وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ [ق/ 10 ] وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَیْناءَ [المؤمنون/ 20 ] یُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ
.[ [الرعد/ 12
فإذا ثبت هذا النحو فی القرآن علی الکثرة التی تراها، لم یجز أن یرید هذا. و إذا لم یجز أن یرید ذلک، کان إرادته به ( 1) قال فی
اللسان (ذکر) و فی الحدیث: القرآن ذکر فذکروه، أي أنه جلیل خطر فأجلّوه.
2) فی (ط): یرید به. )
3) فی (ط): ما لا یکاد یحصی. )
4) فی (ط): و قوله تعالی. )
ص: 54
التأنیث الحقیقیّ أبعد، کقوله: إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ [آل عمران/ 35 ] و قوله: وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ [التحریم/ 12 ] و کانَتا
.[ تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما [التحریم/ 10 ] وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّیهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ [القصص/ 11
فإن قلت: إنّما یرید: إذا احتمل الشیء التأنیث و التذکیر، فاستعملوا التذکیر و غلّبوه. قیل: هذا أیضا لا یستقیم، أ لا تري أن فیما تلونا: وَ
النَّخْلَ باسِقاتٍ و کَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِیَۀٍ فأنّث مع جواز التذکیر فیه، یدلک علی ذلک قوله فی الأخري: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر/
20 ] و قوله: مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْ َ ض رِ ناراً [یس/ 80 ] و لم یقل: الخضر و لا الخضراء، و قوله: السَّحابَ الثِّقالَ و لم یقل: الثقیل، کما قال:
التذکیر .« ذکّروا القرآن » : أن یرید بقوله «2» ما ذکرت لیس بمراد و لا بمذهب. فإذا لا یصحّ «1» مُنْقَعِرٍ. فهذه المواضع یعلم منها أنّ
الذي هو خلاف التأنیث، و إذا لم یرد ذلک، کان معنی غیره. فممّا یجوز أن یصرف إلیه قول ابن مسعود، أنه یرید به الموعظۀ و
ق/ 45 ] إلا أنّه حذف الجار، و إن کان قد ثبت فی الآیۀ، و فی قوله: وَ ] «3» الدعاء إلیه، کما قال: فذکر بالقرآن من یخاف وعیدي
ذَکِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ [إبراهیم/ 5] علی القیاس الذي ینبغی أن یکون علیه، أ لا تري أنک تقول:
ذکر زید العذاب و النار. فإذا ضعّفت العین، قلت: ذکّرت زیدا ( 1) فی (ط): أن منها أنّ.
2) فی (ط): فإذا لم یصح لم یصح. )
.(376 / 286 و النشر 2 / 3) و عیدي: قراءة ورش، بإثبات الیاء فی الوصل (الکشف 2 )
ص: 55
العذاب، و ذکّرته النار. فإذا ألحقت الجارّ کان کقوله: وَ لا تُلْقُوا بِأَیْدِیکُمْ إِلَی التَّهْلُکَۀِ [البقرة/ 195 ] و إذا حذف کان کقوله: وَ أَلْقی
:«1» فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ [النحل/ 15 ] فمما جاء بغیر الجار قولها
یذکّرنی طلوع الشّمس صخرا و أذکره لکلّ غروب شمس
و مما یدل علی صحۀ ما ذکرنا من أن الأصل أن لا یلحق الجار، أن النسیان الذي هو خلاف الذکر، لمّا نقل بالهمزة التی هی فی حکم
وَ ما أَنْسانِیهُ إِلَّا الشَّیْطانُ أَنْ أَذْکُرَهُ [الکهف/ 62 ] و یمکن أن یکون :«2» تضعیف العین، لم تلحق الباء المفعول الثانی، و ذلک قوله
لا تجحدوه و لا تنکروه، کما أنکره من قال فیه: :«3» أي « ذکّروا القرآن » : معنی قوله
صفحۀ 33 من 237
أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ [النحل/ 24 ] لإطلاقهم علیه لفظ التأنیث، فهؤلاء لم یذکّروه، لکنّهم أنّثوه بإطلاقهم التأنیث علی ما کان مؤنث اللفظ،
ما اتخذوه آلهۀ، کقوله: أَ فَرَأَیْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّي. «4» کقوله: إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً [النساء/ 117 ] فإناث جمع أنثی، و إنما یعنی به
فی صفۀ المنجنیق: «5» 20 ]. و قال العجّاج ، وَ مَناةَ الثَّالِثَۀَ الْأُخْري [النجم/ 19
. أورد حذّا تسبق الأبصارا و کلّ أنثی حملت أحجارا ( 1) البیت للخنساء دیوانها/ 89
2) فی (ط): قوله تعالی. )
3) سقطت من (ط). )
4) سقطت من (ط). )
117 . و قوله حذّا: یعنی سهاما یسبقن الموت و الحذّ: ،116 / 5) دیوانه 2 )
البتر: یعنی السهام البتر. الأنثی: یعنی المنجنیق.
ص: 56
:«1» فسمّاها أنثی، لتأنیثهم للفظها، و کذلک قول الفرزدق
و کنّا إذا الجبّار صعّر خدّه ضربناه تحت الأنثیین علی الکرد
و الأنثیان یرید بهما: الأذنین، و هذا النحو کثیر فی کلامهم.
[ [البقرة: 51
اختلفوا فی إلحاق الألف و إخراجها من قوله تعالی: و إذ وعدنا [البقرة/ 51 ] و وعدناکم [طه/ 80 ] فقرأ أبو عمرو وحده ذلک کلّه بغیر
.«2» ألف، و قرأ الباقون ذلک کلّه بالألف
إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ [التوبۀ/ 114 ] و جاء وعد فی :«3» قال أبو علی: قالوا: وعدته، أعده، وعدا، و عدة، و موعدا و موعدة. قال
أَ لَمْ یَعِدْکُمْ رَبُّکُمْ وَعْداً حَسَناً [طه/ 86 ] فتقول علی :«4» الخیر و الشر. قال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ [المائدة/ 9] و قال
هذا: وعدته خیرا.
الکهف/ ] «7» وَ جَعَلْنا لِمَهْلِکِهِمْ مَوْعِداً :«6» النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِینَ کَفَرُوا [الحج/ 72 ] فتقول علی هذا: وعدته شرّا. و قال :«5» و قال
: 1) روایۀ الدیوان/ 210 ) [59
و کنا إذا القیسی هب عتوده ضربناه فوق الأنثیین علی الکرد
و فی اللسان (نبب): نب عتوده، یقال: نب عتود فلان إذا تکبر. و العتود:
الجدي الذي بلغ السفاد. و الکرد: العنق أو أصل العنق.
. 2) کتاب السبعۀ 154 )
3) فی (ط): قال الله تعالی. )
4) فی (ط): و قال عز و جل. )
5) فی (ط): و قال عز و جل. )
6) فی (ط): و قال تعالی. )
140 قرأ الجمهور بضم المیم و فتح اللام و احتمل أن یکون مصدرا مضافا إلی المفعول و أن یکون زمانا. / 7) فی البحر المحیط 6 )
ص: 57
فالموعد: مصدر وعد، و هو فی الإهلاك.
صفحۀ 34 من 237
:«2» فأما الإیعاد فإنه یکون فی التهدید، قال
:«3» أوعدنی بالسّجن و الأداهم و قال
و موعدنا بالقتل یحسب أنّه سیخرج منّا القتل ما القتل مانع
:«4» و الوعید: نحو من الإیعاد فی أنه تهدید بشرّ، قال
ذلک لمن خاف مقامی و خاف وعیدي [إبراهیم/ 14 ] و قال فذکر بالقرآن من یخاف وعیدي [ق/ 45 ] و قال أحمد بن یحیی:
أوعدته، و تسکت. أو تجیء بالباء: أوعدته بشرّ، و لا تقول: أوعدته الشرّ.
من قوله: أوعدنی .«5» قال أبو علی: و لا یمتنع فی نحو هذا فی القیاس أن یحذف الحرف فیصل الفعل، و یدلّ علی ذلک ما قدمناه
بالسجن، فأما المیعاد فی قوله: إِنَّ اللَّهَ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ [آل عمران/ 9] فإن هذا البناء قد جاء فی ( 2) البیت للعدیل بن الفرخ- الخزانۀ
70 ، و بعده: / 160 ابن یعیش 3 / 366 التصریح 2 /2
رجلی و رجلی شثنۀ المناسم
3) البیت لابن کراع و معناه: یحسب أننا سنذل إذا قتل منا، و القتل یمنع أن نذل، لا نزداد علی القتل إلا عزة. )
.903 / انظر المعانی الکبیر 2
4) فی (ط): قال تعالی. )
5) فی (ط): ما قدمنا. )
ص: 58
اسم، کما أن المیقات کذلک، :«1» الأسماء و الصفات، فالاسم نحو: المصباح و المفتاح. و الصفۀ نحو: المطعان، و المطعام. و المیعاد
بالتهدید. و إن کان من وعد فی التهدید و «2» و لیس یخلو من أن یکون من أوعد، أو وعد. فإن کان من أوعد، فإن أوعد تختصّ
:«4» للمیعاد، و قد أوقع علی الإخلاف الکذب. أنشد أبو عبیدة «3» خلافه کما تقدم ذکره، فلا إخلاف
أ توعدنی وراء بنی ریاح کذبت لتقصرنّ یداك دونی
فإن قلت: إن التکذیب واقع فی الاستفهام، و الاستفهام لا یحتمل الصدق و لا الکذب. فإن هذا الاستفهام تقریر و التّقریر عندهم مثل
الخبر، أ لا تري أنهم لم یجیبوه بالفاء کما لم یجیبوا الخبر، و قد قال: لا تَخْتَصِ مُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَیْکُمْ بِالْوَعِیدِ. ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ
:«5» 29 ] و أما الموعود فصفۀ قال ، وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ [ق/ 28
لعلّک و الموعود حق لقاؤه بدا لک فی تلک القلوص بداء
التقدیر: الأمر الموعود حق لقاؤه. ( 1) فی (ط): فالمیعاد.
2) فی (ط): یختص. )
3) فی (ط): بلا إخلاف. )
. 4) البیت لجریر یهجو فضالۀ حین توعده بالقتل. انظر دیوانه/ 577 )
-71 / 157 - الأمالی 2 / 5) البیت لمحمد بن بشیر الخارجی- و کان رجل قد وعده قلوصا فمطله، فقال ذلک یذمه. الأغانی 4 )
.340 / الخصائص 1
ص: 59
فعل یتعدي إلی مفعولین :«2» و عدت :«1» و من جوّز مجیء المصدر علی مفعول، جاز عنده أن یکون الموعود مثل الوعد. و قولهم
یجوز فیه الاقتصار علی أحدهما کأعطیت، و لیس کظننت، قال: وَ واعَدْناکُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَیْمَنَ [طه/ 80 ] فجانب مفعول ثان، و لا
یکون ظرفا لاختصاصه، و التقدیر:
صفحۀ 35 من 237
:«4» إتیانه، أو مکثا فیه، و کذلک قول الشاعر «3» وعدناکم
إتیانهما أو مکثا عندهما، أو نحو ذلک من الأحداث التی یقع الوعد علیها دون الأعیان، «5» فواعدیه سرحتی مالک إنما هو: واعدیه
:«6» فأما قوله
فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ :«7» وَعَدَکُمُ اللَّهُ مَغانِمَ کَثِیرَةً تَأْخُذُونَها [الفتح/ 20 ] فإن المغنم یکون الغنم کما أنّ المغرم یکون الغرم فی قوله
[ن/ 46 ] فإن قلت فقد قال: تَأْخُذُونَها و الغنم الذي هو حدث لا یؤخذ، إنما یقع الأخذ علی الأعیان دون المعانی. فالقول: إنه قد یجوز
1) سقطت ) :«8» أن یکون المغنوم الذي هو العین، سمی باسم المصدر مثل الخلق و المخلوق، و نحو ذلک. و أنشد أحمد بن یحیی
من (ط).
2) فی (ط): و و عدت. )
3) فی (ط): و وعدناکم. )
/ 4) صدر بیت لعمر بن أبی ربیعۀ فی دیوانه 349 مع اختلاف فی الروایۀ و عجزه: أو الرّبی بینهما أسهلا و هو من شواهد سیبویه 1 )
280 و اللسان (وعد). / 143 و الخزانۀ 1
و السرحۀ: الشجرة.
5) فی (ط): عدیه. )
6) فی (ط): قوله عز و جل. )
7) فی (ط): قوله عز و جل. )
8) البیت فی اللسان (ضمن) أنشده ابن الأعرابی و فسره ثعلب فقال: معناه: )
ص: 60
ضوامن ما جار الدّلیل ضحی غد من البعد ما یضمن فهو أداء
أي: مؤدّي أو ذو أداء. و جمعک للمغانم، و هو مصدر، إنما هو کالمذاهب و المجاري، و نحو ذلک من المصادر المجموعۀ، فإذا
کان کذلک وجب أن تقدّر مضافا محذوفا، کأنه: وعدکم اللّه تملیک مغانم أو إیراثها، و کذلک لو جعلت المغنم اسما للأعیان
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ :«1» المغنومۀ کالأموال و الأرضین. فأما قوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ [المائدة/ 9] و قوله
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ و لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ تفسیر للوعد و تبیین :«2» آمَنُوا ثم قال: لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [النور/ 55 ] فإن الفعل لم یعدّ فیه إلی مفعول ثان و قوله
:«3» له، کما أنّ قوله لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ [النساء/ 11 ] تفسیر للوصیۀ فی قوله
.[ یُوصِیکُمُ اللَّهُ فِی أَوْلادِکُمْ [النساء/ 11
و أما قوله: أَ لَمْ یَعِدْکُمْ رَبُّکُمْ وَعْداً حَسَ ناً [طه/ 86 ] و قوله: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَکُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [إبراهیم/ 22 ] فإنّ هذا و نحوه یحتمل أمرین:
یجوز أن یکون انتصاب الوعد بالمصدر.
و یجوز أن یکون انتصابه بأنّه المفعول الثانی. و سمّی الموعود به الوعد، کما سمّی المخلوق بالخلق، فإذا حملته علی هذا فینبغی أن
تقدر حذف المضاف، و یؤکّد الوجه الأول قوله: إن جار الدلیل فأخطأ الطریق، ضمنت أن تلحق ذلک فی غدها و تبلغه.
ثم قال: ما یضمن فهو أداء، أي: ما ضمنه من ذلک لرکبها وفین به و أدینه.
1) فی (ط): و قوله عز و جل. )
2) فی (ط): و لکن قوله عز و جل. )
3) فی (ط): قوله عز و جل. )
ص: 61
صفحۀ 36 من 237
.[ أَ لَمْ یَعِدْکُمْ رَبُّکُمْ وَعْداً حَسَناً [طه/ 86
و أما قوله: وَ إِذْ یَعِدُکُمُ اللَّهُ إِحْدَي الطَّائِفَتَیْنِ أَنَّها لَکُمْ [الأنفال/ 7] فإن إحدي الطائفتین فی موضع نصب بأنه المفعول الثانی، و أنها
لکم: بدل منه، و التقدیر: و إذ یعدکم اللّه ثبات إحدي الطّائفتین أو ملک إحدي الطائفتین. و نحو هذا مما یدل علیه (لکم) أ لا تري
أنّ (أنّ) و ما بعدها فی تأویل المصدر، و الطائفتان: العیر و النفیر.
المؤمنون 35 ] فمن قدر فی أن الثانیۀ البدل. فإنه ینبغی أن یقدر محذوفا ] «2» أَ یَعِدُکُمْ أَنَّکُمْ إِذا مِتُّمْ وَ کُنْتُمْ تُراباً الآیۀ :«1» و أما قوله
لیتم بذلک الکلام، فیصح البدل، فیکون التقدیر عنده: أ یعدکم أن إخراجکم إذا متم، لیکون اسم الزمان خبرا عن الحدث المراد، إذ
لا یصح أن یکون خبرا عن المخاطبین من حیث کانوا أعیانا، فیکون أَنَّکُمْ الثانیۀ بدلا من الأولی.
و من قدّر فی الثانیۀ التکریر لم یحتج إلی تقدیر محذوف، و من رفع أَنَّکُمْ الثانیۀ بالظّرف- کأنه قال: أ یعدکم أنکم یوم الجمعۀ
إخراجکم- لم یحتج إلی ذلک أیضا و قد قلنا فیها فی مواضع من مسائلنا.
و أما قوله: وَ ما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ [التوبۀ/ 114 ] فالجملۀ فی موضع جرّ لأنها صفۀ للنکرة و قد عاد
قال ( 1) فی (ط): قوله عز «3» الذکر منها إلی الموصوف، و الفعل متعدّ إلی مفعول واحد أ لا تري أن الذکر یعود إلی المصدر، و قد
و جلّ.
2) و تمامها: (و عظاما أنکم مخرجون). )
3) فی (ط): فقد. )
ص: 62
مریم/ 47 ]، و قال وَ اغْفِرْ لِأَبِی إِنَّهُ کانَ مِنَ الضَّالِّینَ [الشعراء/ 86 ] و قال: رَبَّنَا اغْفِرْ لِی وَ لِوالِدَيَّ ] «1» إبراهیم لأبیه: سَأَسْتَغْفِرُ لَکَ رَبِّی
[إبراهیم/ 41 ] و قال: قَدْ کانَتْ لَکُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَۀٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْکُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلی
.[ قوله إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَکَ [الممتحنۀ/ 4
و المعنی: لقد کان لکم فیهم أسوة حسنۀ فی تبرّئهم من کفار قومهم، و إن کانوا ذوي أنساب منهم و أرحام، فتأسّوا بهم فی ذلک، أ
لا تَجِ دُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ کانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ [المجادلۀ/ 22 ] و :«2» لا تراه قال
قال: لا یَتَّخِ ذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ [آل عمران/ 28 ] و قال: وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة/ 51 ] فالمعنی:
تأسّوا بإبراهیم و بقومه فی معاداتهم لأنسبائهم و ذوي قرابتهم، و ترك موالاتهم لهم لمخالفتهم إیاهم فی دینهم و کفرهم.
فأما استغفار إبراهیم لأبیه مع أنه کان مخالفا له فی التوحید، فلا ینبغی لکم أن تستغفروا لمن کفر من آبائکم کما استغفر، لأن
فإنّ استغفاره لأبیه کان مقیّدا، و إن ،«4» بشرط و علی تقیید، فلا تطلقوا أنتم ذلک لمن خالفکم فی توحید اللّه «3» الاستغفار کان منه
.[ کان قد جاء مطلقا فی بعض المواضع، ( 1) فی (ط): وردت الآیۀ: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَکَ [الممتحنۀ/ 4
2) فی (ط): قال تعالی. )
3) فی (ط): منه کان. )
4) فی (ط): اللّه عز و جل. )
ص: 63
فإنه إنما کان من إبراهیم علی التقیید الذي جاء فی مواضعه.
و قال: وَ کَذلِکَ أَعْثَرْنا عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ أَنَّ السَّاعَۀَ لا رَیْبَ فِیها [الکهف/ 21 ] فالمعنی فیه، و فی قوله:
[ وَ إِذا قِیلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَۀُ لا رَیْبَ فِیها [الجاثیۀ/ 32 ]: أنّ وعد اللّه بالبعث حق فی نحو قوله: قُلْ بَلی وَ رَبِّی لَتُبْعَثُنَّ [التغابن/ 7
فإذا عاینوا ذلک و شاهدوه وجب أن یعلموا: أن الذي وعدوا به من البعث و النشور بعد الموت، مثل الذي عاینوه، فیلزمهم الاعتراف
صفحۀ 37 من 237
به لمشاهدتهم له و علمهم إیاه من الوجه الذي لا یدخله ارتیاب و لا تشکّک، و الساعۀ لا ریب فیها، لأنها إنما هی یوم البعث، و قد
:«2» و مثل هذه قوله .«1» علموا البعث و الإحیاء بعد الموت علی ما ذکرناه
فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها کَذلِکَ یُحْیِ اللَّهُ الْمَوْتی [البقرة/ 73 ] المعنی: فقلنا: اضربوا المقتول ببعض البقرة، فضربوه به فحیی، کذلک یحیی
اللّه الموتی، أي: یحییهم للبعث مثل هذا الإحیاء الذي عوین و شوهد، و مثل ذلک، إلّا أنه فی النبات قوله: فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ
کَذلِکَ نُخْرِجُ الْمَوْتی [الأعراف/ 57 ] و قوله: بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَکُمْ مَوْعِداً [الکهف/ 48 ] أي: موعدا للبعث، فجحدتم ذلک فقال
:«3»
[ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ یَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [الکهف/ 58 ] و قال: وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ [البروج/ 2 :«4» إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ [الأنعام/ 134 ] و قال
1) فی (ط): ذکرنا. ) [ و قال: کَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِیدُهُ وَعْداً عَلَیْنا [الأنبیاء/ 104
2) فی (ط): قوله عز و جل. )
3) فی (ط): فقال تعالی. )
4) فی (ط): و قال تعالی. )
ص: 64
علی وعد فانتصب الوعد لدلالۀ الإعادة علیه فی قیاس قول سیبویه. «2» نُعِیدُهُ :«1» دل قوله
وَ لکِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِ  را [البقرة/ 235 ] فالمعنی: لا تصرّحوا للمعتدة بلفظ النکاح و التزویج، و لکن عرّضوا به، و لا :«3» فأما قوله
تصرحوا، و ذلک نحو ما حدّثنا أحمد بن محمد البصري: قال: حدثنا المؤمّل بن هشام، قال: حدثنا إسماعیل بن علیّۀ عن لیث عن
مجاهد فی قوله: وَ لا جُناحَ عَلَیْکُمْ فِیما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَۀِ النِّساءِ [البقرة/ 235 ] قال:
و قوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً [البقرة/ 235 ] أي: معروفا منه الفحوي، و .«4» یقول: إنک لجمیلۀ، و إنّک لنافقۀ، و إنک إلی خیر
المعنی دون التصریح و یکون: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً فتعرّضوا بذلک، لأن التصریح به مزجور عنه، فهو منکر غیر معروف.
و إذ وعدنا موسی أربعین لیلۀ [البقرة/ 51 ] فلیس یخلو تعلّق الأربعین بالوعد من أن یکون علی أنه ظرف أو مفعول ثان، :«5» فأما قوله
فلا یجوز أن یکون ظرفا، لأن الوعد لیس فیها کلها، فیکون جواب کم، و لا فی بعضها، فیکون کما یکون جوابا لمتی، و إنما الموعد
تقضّی الأربعین، فإذا لم یکن ظرفا، کان انتصابه بوقوعه موقع المفعول الثانی.
و التقدیر: وعدنا موسی انقضاء أربعین لیلۀ، أو: تتمۀ ( 1) فی (ط): أن قوله.
2) فی (ط): نعیده وعدا. )
3) فی (ط): قوله تعالی. )
.110 / 4) انظر تفسیر مجاهد 1 )
5) فی (ط): قوله عزّ و جلّ. )
ص: 65
أربعین لیلۀ، فحذفت المضاف، کما تقول: الیوم خمسۀ عشر من الشهر، أي: تمامه، و فسّر أن الأربعین: ذو القعدة، و عشر من ذي
الحجّۀ.
وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ «2» مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَۀً [الأعراف/ 142 ] أي: انقضاء ثلاثین «1» و مثل ذلک فی المعنی قوله: وَ واعَدْنا
أَرْبَعِینَ لَیْلَۀً [الأعراف/ 142 ] فالمیقات هو الأربعون، و إنما هو میقات و موعد، لما روي من أن القدیم سبحانه وعده أن یکلّمه علی
الطور. فأما انتصاب الأربعین فی قوله: فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَۀً [الأعراف/ 142 ] فکقولک: تم القوم عشرین رجلا، و المعنی: تم
القوم معدودین هذا العدد، و تم المیقات معدودا هذا العدد و قد جاء المیقات فی موضع المیعاد، کما جاء الوقت فی موضع الوعد فی
صفحۀ 38 من 237
قوله: إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر/ 38 ] و مما یبین تقاربهما قوله: فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَۀً [الأعراف/ 142 ] وَ لَمَّا جاءَ مُوسی
لِمِیقاتِنا [الأعراف/ 143 ] و فی الأخري و إذ وعدنا موسی أربعین لیلۀ [البقرة/ 51 ] و قال: وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ [البروج/ 2] و قال:
.[ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر/ 38 ] و قال: إِلی مِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعۀ/ 50
فإن قلت: لم لا یکون الوقت فی قوله: إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الوقت الذي یراد به الزمان، کقولک: هذا وقت قدوم الحاج، ترید به: الأوان
الذي یقدمون فیه؟ ( 1) فی (ط): و واعدنا.
2) فی (ط): ثلاثین لیلۀ. )
ص: 66
فإنّ ذلک یبعد. أ لا تري أن الیوم لا یخلو من أن ترید به وضح النهار، أو البرهۀ من الزمان، و لو قلت: برهۀ الزمان أو یوم الزمان، لم
:«1» یکن ذلک بالسهل. و لیس هذا کقوله
و لو لا یوم یوم ..
:«2» و لا کقوله
کإضافۀ البعض إلی الکل. «3» حین لا حین محنّ و أنت ترید به حین حین، لأن إضافۀ الاسمین هنا
أن یقول: «5» [ لمن قرأ: واعَدْنا [البقرة/ 51 «4» الحجۀ
یخلو موسی من أن یکون قد کان منه وعد، أو لم یکن. فإن کان منه «8» و لا ،«7» قد کان منه وعد لموسی «6» قد ثبت أن اللّه تعالی
وعد، فلا إشکال فی وجوب القراءة بواعدنا. و إن لم یکن منه وعد، فإنّ ما کان منه من قبول الوعد و التّحرّي لإنجازه، و الوفاء به،
یقوم مقام الوعد، و یجري مجراه، فإذا کان کذلک کان بمنزلۀ الوعد، و إذا کان مثله، و فی حکمه، حسن القراءة بواعدنا، لثبات
التواعد من الفاعلین، کما قال:
. وَ لکِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ [البقرة/ 235 ] لمّا کان الوعد من ( 1) قطعۀ من بیت سبق ذکره فی الجزء الأول ص 166
. 2) جزء من بیت سبق فی الجزء الأول ص 166 )
3) فی (ط): هاهنا. )
4) فی (ط): و الحجۀ. )
.(199 / 5) و هی قراءة مجاهد و الأعرج و ابن کثیر و نافع و الأعمش و حمزة و الکسائی (انظر البحر المحیط 1 )
6) فی (ط): عزّ و جلّ. )
7) فی (ط): علیه السلام. )
8) فی (ط): فلا. )
ص: 67
فعل الواحد نحو: عافاه اللّه، و طارقت النعل، و «1» قد یجیء من « فاعل » الخاطب و المخطوبۀ. و مما یؤکد حسن القراءة بواعدنا، أنّ
کان من هذا الباب. و إن کان من موسی موعد، کان الفعل من «2» عاقبت اللصّ. فإن کان الوعد من اللّه سبحانه، و لم یکن من موسی
فاعلین، فإذا کان منهما لم یکن نظر فی حسن واعدنا.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ [المائدة/ 9] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا «4» : بلا ألف قوله «3» و حجۀ من قرأ وعدنا
مِنْکُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [النور/ 55 ] و قال: أَ لَمْ یَعِدْکُمْ رَبُّکُمْ وَعْداً حَسَ ناً [طه/ 86 ] وَ إِذْ یَعِدُکُمُ اللَّهُ إِحْدَي الطَّائِفَتَیْنِ
.[ [الأنفال/ 7] إِنَّ اللَّهَ وَعَدَکُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [إبراهیم/ 22 ] وَعَدَکُمُ اللَّهُ مَغانِمَ کَثِیرَةً تَأْخُذُونَها [الفتح/ 20
فکذلک الموضع المختلف فیه، ینبغی أن یحمل علی المتفق علیه، و .« فاعل » دون « فعل » عباده، و هو علی «5» فکلّ هذا وعد من اللّه
صفحۀ 39 من 237
علی ما کثر فی التنزیل من لفظ وعد دون واعد فی هذا الموضع.
1) فی (ط): علی. ) .[ اتَّخَذْتُمُ [البقرة/ 51 ] و أَخَذْتُمْ [آل عمران/ 81 ] و لَاتَّخَذْتَ [الکهف/ 77 :«6» و اختلفوا فی قوله تعالی
2) فی (ط): علیه السلام. )
. 3) و هی قراءة أبی عمرو وحده کما تقدم ص 56 )
4) فی (ط): قوله تعالی. )
5) فی (ط): عزّ و جلّ. )
6) فی (ط): اختلفوا فی قوله سبحانه. )
ص: 68
.«1» فأظهر الذّال فی ذلک کلّه ابن کثیر و عاصم فی روایۀ حفص، و أدغمها الباقون و أبو بکر بن عیاش عن عاصم أیضا معهم
تقول: اتخذنا مالا، فنحن نتّخذه اتّخاذا، و تخذت اتخذ تخذا. :«2» قال أبو زید
قال أبو علی: اتّخذ: افتعل، و فعلت منه: تخذت، قال:
:«3» لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَیْهِ أَجْراً [الکهف/ 77 ] و قال
و قد تخذت رجلی إلی جنب غرزها نسیفا کأفحوص القطاة المطرّق
و لم أعلم تخذت تعدّي إلا إلی مفعول واحد، فأما اتّخذت فإنه فی التعدي علی ضربین: أحدهما: أن یتعدي إلی مفعول واحد. و
الآخر: أن یتعدي إلی مفعولین.
فأمّا تعدّیه إلی مفعول واحد فنحو قوله: یا لَیْتَنِی اتَّخَ ذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلًا [الفرقان/ 27 ] و أَمِ اتَّخَ ذَ مِمَّا یَخْلُقُ بَناتٍ [الزخرف/ 16 ] وَ
. 1) السبعۀ 154 ) .[ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَۀً [طه/ 82 ] لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا [الأنبیاء/ 17
2) فی (ط): قال أبو علی قال أبو زید. )
.287 / 298 ، و الخصائص 2 / 3) البیت للممزّق العبدي و اسمه شأس بن نهار. انظر اللسان (طرق) و (نسف). و انظر الحیوان 2 )
و النسیف: أثر رکض الرجل بجنبی البعیر إذا انحص عنه الوبر، و الغرز للناقۀ مثل الحزام للفرس. و الأفحوص: المبیض، و المطرق:
یقال طرقت القطاة: إذا حان خروج بیضها. و قد أورد ابن جنی البیت شاهدا علی أن تاء اتخذت لیست بدلا من شیء بل هی فاء أصلیۀ
بمنزلۀ اتبعت من تبع.
ص: 69
.[ اتَّخَذُوا أَیْمانَهُمْ جُنَّۀً [المجادلۀ/ 16 :«1» و أمّا ما تعدّي إلی مفعولین، فإن الثانی منهما الأول فی المعنی قال
.[ و قال: لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّکُمْ أَوْلِیاءَ [الممتحنۀ/ 1] فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِیا [المؤمنون/ 110
وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِیمَ مُصَلی [البقرة/ 125 ] فإن من أجاز زیادة (من) فی الإیجاب، جاز علی قوله أن یکون قد تعدي :«2» فأمّا قوله
إلی مفعولین، و من لم یجز ذلک، کان عنده متعدیا إلی مفعول واحد.
قال: وَ جَعَلَ « جعلت » : و نظیر اتّخذ فیما ذکرناه من تعدیه إلی مفعول واحد مرة، و أخري إلی مفعولین الثانی منهما الأول فی المعنی
الظُّلُماتِ وَ النُّورَ [الأنعام/ 1] أي: خلقهما.
فإذا تعدي إلی مفعولین کان الثانی الأول فی المعنی، کقوله: وَ اجْعَلُوا بُیُوتَکُمْ قِبْلَۀً [یونس/ 87 ] وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّۀً یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ
.[ [القصص/ 41 ] وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّۀً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا [السجدة/ 24
.[ فعلی الخلاف الذي تقدم ذکره: وَ جَعَلُوا الْمَلائِکَۀَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف/ 19
.[ فأمّا قوله: ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ [البقرة/ 51
صفحۀ 40 من 237
و قوله: بِاتِّخاذِکُمُ الْعِجْلَ [البقرة/ 54 ]، اتَّخَذُوهُ وَ کانُوا ظالِمِینَ [الأعراف/ 148 ] وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسی مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلًا [الأعراف/
148 ]. فالتقدیر فی ذلک کله: ( 1) فی (ط): فقال.
2) فی (ط): عزّ و جلّ. )
ص: 70
اتخذوه إلها، فحذف المفعول الثانی، الدلیل علی ذلک: أن الکلام لا یخلو من أن یکون علی ظاهره کقوله: کَمَثَلِ الْعَنْکَبُوتِ اتَّخَذَتْ
:«1» بَیْتاً [العنکبوت/ 41 ] و قوله
إِنَّ :«3» أو یکون علی إرادة المفعول، فلا یجوز أن یکون علی ظاهره دون إرادة المفعول الثانی لقوله «2» متّخذا من عضوات تولجا
الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَیَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّۀٌ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا [الأعراف/ 152 ]، و من صاغ عجلا، أو نجره، أو عمله بضرب من
و الوعید عند المسلمین. فإذا کان کذلک علم أنه علی ما وصفنا من إرادة المفعول الثانی ،«4» الأعمال، لم یستحقّ الغضب من اللّه
المحذوف فی هذه الآي.
فإن قال قائل:
« یعذّب المصوّرون یوم القیامۀ » :«5» فقد جاء فی الحدیث
و
1) سقطت من (ط). ) .« فیقال لهم: أحیوا ما خلقتم » : فی بعض الحدیث
2) البیت من رجز لجریر یهجو البعیث المجاشعی، و عضوات: جمع عضۀ و عضۀ جمع قلۀ و الکثرة: عضاه، و هی کل شجر له شوك. )
.« عضوات » بدل « ضعوات » 187 بروایۀ / و قد ورد فی شرح دیوانه 1
و الضعوات: ج ضعۀ، و هو شجر فی البادیۀ، قیل: هو الثمام- و التولج:
کناس الظبی. أو الوحش الذي یلج فیه، اللسان مادة (ولج) و (ضعا).
3) فی (ط): عزّ و جلّ. )
4) فی (ط): اللّه عزّ و جلّ. )
5) نص )
/ 1670 و البخاري فی التوحید 13 / صحیح مسلم 3 « الذین یصنعون الصور یعذبون یوم القیامۀ، یقال لهم: أحیوا ما خلقتم » : الحدیث
528 . و اللباس 5951 . ص: 71
و أما الزیادة فمن أخبار الآحاد التی لا توجب العلم، فلا یقدح .«1» یکون علی من صوّر اللّه تصویر الأجسام « یعذّب المصورون » : قیل
لذلک فی الإجماع علی ما ذکرنا.
أصله من: أخذت، لم یکن هذا القول بمستقیم و لا قریب منه، و لو قلب ذلک علیه لم یجد فصلا، أ لا تري أنّ « تخذت » و من زعم أنّ
الهمزة لم تبدل من التاء، و لا التاء أبدلت منها.
فإن قلت: فلم لا یکون اتّخذت: افتعلت، من اخذت، کأنّ الهمزة لمّا أبدلت منها التاء لالتقائها مع همزة الوصل، أدغمت فی التاء
؟«2» الزائدة کما أبدلوا فی قولهم اتّسروا الجزور و إنما هو من الیسر
فالقول: إنّ ما ذکرته من الإبدال لا یجوز فی قیاس قول أصحابنا، و الذین أجازوا من ذلک شیئا لا ینبغی أن یجوز ذلک علی قولهم،
1) هذا التوجیه للحدیث، و ) .«4» [ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ [البقرة/ 3 :«3» لاختلاف معنی الحرفین و قد قدمنا ذکر ذلک فی ذکر قوله
تخصیصه بمن صور اللّه- سبحانه- تصویر الأجسام، لا تعینه الأحادیث الواردة فی الباب و لا یعضده شیء منها، بل هی صریحۀ فی
تصویر کل ذي روح من المخلوقات.
صفحۀ 41 من 237
384 : و استدلّ به- أي بالحدیث- أبو علی الفارسی فی التذکرة علی تکفیر المشبهۀ فحمل الحدیث / قال ابن حجر فی الفتح 10
علیهم، و أنهم المراد بقوله المصورون، أي الّذین یعتقدون أن للّه صورة و تعقّب بالحدیث الذي بعده فی الباب: إن الّذین یصنعون
هذه الصور یعذبون.
2) یسر القوم الجزور أي: اجتزروها و اقتسموا أعضاءها. اللسان (یسر). )
3) فی (ط): قوله عز و جل. )
214 و ما بعدها. / 4) انظر 1 )
ص: 72
فإن الأخذ قد استعمل منه فعل و فاعل و فعّل و استفعل: « أخذتم » فأما
فأما فعل منه فیتصرّف علی ضروب:
:«1» منها: أنه یوجب الضّمان علی المعترف به، کما یوجبه غصبت، یدلّ علی ذلک ما أنشده أبو زید
أخذن اغتصابا خطبۀ عجرفیّۀ و أمهرن أرماحا من الخطّ ذبّلا
فالقول فی أخذن اغتصابا علی ضربین: أحدهما: أن أخذن بمنزلۀ غصبن، فانتصب اغتصابا بعده، کما ینتصب باغتصبن، و الآخر: أنه
ینتصب بما یدل علیه أخذن من الاغتصاب، و ما یدل علی الغصب بمنزلته، و فی حکمه.
[ وَ کَ ذلِکَ أَخْذُ رَبِّکَ إِذا أَخَ ذَ الْقُري وَ هِیَ ظالِمَ ۀٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِیمٌ شَدِیدٌ [هود/ 103 :«2» و منها: أن یدل علی العقاب، کقوله
هود/ 67 ] وَ أَخَ ذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ [الأعراف/ ] «3» فَأَخَ ذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ [الأنعام/ 42 ] وَ أَخَ ذَ الَّذِینَ ظَلَمُوا الصَّیْحَۀُ
1) النوادر/ 208 و نسبه للریاحی. و فی اللسان بغیر نسبۀ (مهر) و العجرفیۀ: ) .[ 165 ] فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِیزٍ مُقْتَدِرٍ [القمر/ 42
الجفوة فی الکلام.
2) فی (ط): کقوله عزّ و جلّ. )
.[ 3) فی (ط): وردت الآیۀ (و أخذت الّذین ظلموا الصیحۀ) [هود/ 94 )
ص: 73
.«2» کما قالوا: جعل یقول، و کرب یقول، [و طفق یفعل ،«1» و منها: أن یستعمل للمقاربۀ، قالوا: أخذ یقول
و منها: أن یتلقّی بما یتلقّی به القسم، نحو قوله: وَ إِذْ أَخَ ذَ اللَّهُ مِیثاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ [آل عمران/ 187 ]، وَ إِذْ أَخَذْنا
.[ مِیثاقَکُمْ لا تَسْفِکُونَ دِماءَکُمْ [البقرة/ 84
و من ذلک قوله: خُذُوا ما آتَیْناکُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة/ 93 ] فلیس معنی هذا: تناولوه، کما تقول: خذ هذا الثوب، و لکن معناه:
اعملوا بما أمرتم فیه، و انتهوا عمّا نهیتم عنه فیه بجدّ و اجتهاد.
قال: .« آخذ » : و مثل أخذ فی ما ذکرنا من معنی العقاب
لَوْ یُؤاخِذُهُمْ بِما کَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ، [الکهف/ 58 ] وَ لَوْ یُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما کَسَ بُوا ما تَرَكَ عَلی ظَهْرِها مِنْ دَابَّۀٍ [فاطر/ 45 ] لا
.[ تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا [البقرة/ 286 ] لا یُؤاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ [البقرة/ 225
بالزیارة فی «4» إذا کان یتعهّده :«3» و قال أبو زید: إنّ الحمّی لتخاوذ فلانا. إذا کانت تأخذه فی الأیام، و فلان یخاوذ فلانا بالزیارة
الأیام. و القول فی ذلک: إنه لیس من الأخذ علی القلب، و لو کان منه لکان یخائذ إذا حقّقت، فإذا خفّفت قلت یخایذ، فتجعلها بین
بین، فإذا کانت من الواو، لم یکن منه.
کما ( 1) فی (ط): یقول کذا. ،«5» إلا أن أخذ قد جاء فیه لغتان فی الفاء: الواو و الهمزة
2) ما بین المعقوفتین سقطت من (م). )
صفحۀ 42 من 237
3) فی (ط): یخاوذنا بالزیارة. )
4) فی (ط): یتعهدنا. )
5) لم نجد فی المعاجم و خذ بمعنی أخذ، و نصّ فی التاج/ أخذ/ علی أن الهمزة تبدل واوا فی لغۀ الیمن فی قوله: آخذه، فیقال: و )
اخذه مؤاخذة.
ص: 74
و حکی أبو زید فی هذا الکتاب أیضا: و هو نابه و نبیه، أوسد فلان کلبه علی الصید .«1» جاء أکدت و وکّدت، و أوصدت و آصدت
یخاوذ، کأنه قلبه عن وخذ، فثبتت الواو التی هی فاء فی القلب، فصار یخاوذ: «2» یوسده إیسادا، و قد آسده إذا أغراه. فکذلک یکون
یعافل فی القلب.
و قال أبو زید: فی المصادر ائتخذنا فی القتال، نأتخذ ائتخاذا.
قال أبو علی: فهذا افتعل من الأخذ، و لا یجوز الإدغام فی هذا، کما جاز فی قولنا: اتخذنا مالا.
.«3» و أما فعّل فقالوا: رجل مؤخّذ عن امرأته
.«5» و للنساء کلام فیما زعموا یسمّینه الأخذ .«4» و قال أبو حنیفۀ فی الرجل المؤخّذ عن امرأته: یؤجّل کما یؤجّل العنّین
و أما استفعل، فقال الأصمعی فیما روي عنه الزّیاديّ الاستئخاذ: أشد الرّمد.
1) فی (ط): آصدت و أوصدت. ) :«6» و قال الهذلیّ
2) سقطت من (ط). )
3) المؤخذ: المحبوس. اللسان مادة (أخذ). )
.262 / 4) انظر فتح القدیر، باب العنین و غیره 3 )
5) الأخذ: جمع أخذة، من التأخیذ، و هو أن تحتال المرأة بحیل فی منع زوجها من جماع غیرها، و ذلک نوع من السحر. یقال: لفلانۀ )
أخذة تؤخّذ بها الرجال عن النساء.
58 - اللسان (أخذ). / 6) أبو ذؤیب الهذلی- السکري 1 )
المغضی: الذي کف من بصره- و یقال للرجل إذا اشتد رمده: قد استأخذ، و کسف: نکّس رأسه لما أخذ الرمد فیه من الحزن.
ص: 75
یرمی الغیوب بعینیه و مطرفه مغض کما کسف المستأخذ الرّمد
کما کسف المستأخذ، أي: عین المستأخذ، فحذف المضاف و أقام المضاف إلیه مقامه. و الرمد: الفاعل.
فی غیر هذا. «1» و یجوز: کما کسف المستأخذ الرّمد، أي: کسف عینه، فحذف المفعول کما یحذف
فلأن الذّال لیس من مخرج التاء و الطاء، و الذّال إنما هی من مخرج الظاء و الثاء، ،«2» و أما حجّ ۀ من لم یدغم أخذتم، و اتخذتم
فتفاوت ما بینهما، إذ کان لکل واحد من هذین القبیلین حیز و مخرج غیر مخرج الآخر. و أیضا فإن الذال مجهورة، و التاء مهموسۀ، و
المجهور یقرّب منه المهموس بأن یبدل مجهورا، أ لا تري أنّهم قالوا: فی افتعل من الزین و الذّکر:
ازدان و ادّکر، و مزدان و مدّکر. فلمّا قرّبوا المهموس من المجهور بأن قلبوه إلیه، لم یدغم المجهور فی المهموس، لأنه تقریب منه، و
هذا عکس ما فعل فی مزدان، لأنهم فی مزدان، إنّما قرّبوا المهموس من المجهور، و أنت إذا أدغمت الذّال فی التاء، قرّبت المجهور
.«3» من المهموس، قال سیبویه: حدثنا من لا نتّهم أنه سمع من یقول: أخذت، فیبیّن
من أدغم: أنّ هذه الحروف لمّا تقاربت، فاجتمعت فی أنها من طرف اللسان و أصول الثنایا، قرب کلّ ( 1) فی (ط): «4» و حجّ ۀ
حذف.
صفحۀ 43 من 237
2) فی (ط): اتخذتم و أخذتم. )
.423 / 3) انظر الکتاب لسیبویه 2 )
4) فی (ط): و وجه. )
ص: 76
حیّز منها من الحیّز الآخر. أ لا تري أنهم أدغموا الظاء و الثاء و الذال فی الطاء و التاء و الدال، و کذلک أدغموهنّ فی الظاء، و أختیها
فی الانفصال، نحو: ابعث داود و أنفذ ثابتا، فإذا أدغمت فی الانفصال، کان إدغامها فیما یجري مجري المتّصل أولی. «1»
[ [البقرة: 54
حرکتها. «3» فی بارِئِکُمْ [البقرة/ 54 ] فی کسر الهمز و اختلاس «2» و اختلفوا
فکان عبد اللّه بن کثیر و نافع و عاصم و ابن عامر و حمزة و الکسائیّ یکسرون العین من غیر اختلاس و لا تخفیف.
تقرأ: إِلی بارِئِکُمْ مهموزة مثقّلۀ، أو إِلی «5» سألت أبا عمرو کیف :«4» و اختلف عن أبی عمرو، فقال العباس بن الفضل الأنصاريّ
بارِئِکُمْ مخففۀ؟ فقال: قراءتی مهموزة غیر مثقّلۀ بارِئِکُمْ.
و روي الیزیديّ و عبد الوارث عنه: إِلی بارِئِکُمْ و لا یجزم الهمزة. ( 1) فی (ط): و فی أختیها.
2) فی (ط): اختلفوا. )
3) الاختلاس: ترك إکمال الحرکۀ بأن یأتی القارئ بثلثیها فقط. شرح ابن القاصح علی الشاطبیۀ ص 192 (ط مصطفی محمد) و )
سیورد المصنف زیادة بیان للمعنی.
186 ه) قاضی الموصل - 4) العباس بن الفضل بن عمرو بن عبید بن الفضل بن حنظلۀ أبو الفضل الواقفی الأنصاري البصري ( 105 )
أستاذ حاذق ثقۀ، من أکابر أصحاب أبی عمرو فی القراءة، روي القراءة عرضا و سماعا عن أبی عمرو بن العلاء و ضبط عنه الإدغام،
ناظر الکسائی فی الإمالۀ.
.376 / 353 ). و سبقت ترجمته 1 / قال الذهبی: لم یشتهر لأنه لم یجلس للإقراء. (انظر غایۀ النهایۀ 1
5) کذا فی (ط) و سقطت من (م). )
ص: 77
بارِئِکُمْ و یَأْمُرُکُمْ [البقرة/ 67 ] و ما أشبه ذلک، مما تتوالی فیه :«1» قال أحمد: و قال سیبویه: کان أبو عمرو یختلس الحرکۀ من
بن الفضل عنه التی ذکرتها أنه لا یثقّلها. و هذا «2» الحرکات، فیري من یسمعه أنه قد أسکن و لم یکن یسکن، و هذا مثل روایۀ عباس
عبید اللّه بن علیّ الهاشمیّ عن «3» القول أشبه بمذهب أبی عمرو، لأنه کان یستعمل التخفیف فی قراءته کثیرا. من ذلک ما حدثنی
عنه أنه کان یقرأ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْکِتابَ [البقرة/ 129 ] وَ یَلْعَنُهُمُ [البقرة/ 159 ] یشمّ المیم و النون التی قبل الهاء «4» نصر بن علی عن أبیه
بذلک أبو طالب «5» الضمّ من غیر إشباع. و کذلک: عَنْ أَسْلِحَتِکُمْ وَ أَمْتِعَتِکُمْ [النساء/ 102 ] یشمّ التاء فیها شیئا من الخفض. أخبرنی
عبد اللّه بن أحمد بن سوادة قال: حدّثنا إبراهیم بن سعد الزّهرانی، قال: حدثنا عبید بن عقیل عن أبی عمرو بذلک.
قال: و کذلک: وَ یُزَکِّیکُمْ وَ یُعَلِّمُکُمُ [البقرة/ 151 ] یشمّها شیئا من الضم، و کذلک: یَوْمَ یَجْمَعُکُمْ [التغابن/ 9] یشمّ العین شیئا من
الضم، و کذلک قوله: وَ أَرِنا مَناسِکَنا [البقرة/ 128 ] لا یسکن الراء و لا یکسرها.
روي ذلک عنه علی بن نصر و عبد الوارث و الیزیديّ و عباس بن الفضل و غیرهم، أعنی: وَ أَرِنا و کذلک قراءته ( 1) فی (ط): فی.
2) فی (ط): العباس. )
3) فی (ط): ما حدثنی به. )
صفحۀ 44 من 237
.(582 / 4) علی بن نصر بن علی بن صهبان أبو الحسن الجهضمی البصري مات سنۀ 189 ه. (انظر ترجمته فی غایۀ النهایۀ 1 )
5) فی (ط): قال أخبرنی. )
ص: 78
فی: یَأْمُرُکُمْ [البقرة/ 67 ] و یَأْمُرُهُمْ [الأعراف/ 157 ] و یَنْصُرْکُمُ [آل عمران/ 160 ] و ما أشبه ذلک من الحرکات المتوالیات.
عن أبی عمرو: وَ أَرِنا ساکنۀ الراء. و قال الیزیدي فی ذلک کله: «2» و هارون الأعور «1» و روي عبد الوهاب بن عطاء
إنه کان یسکّن اللام من الفعل فی جمیعه. و القول: ما خبرتک من إیثاره التخفیف فی قراءته کلها، و الدلیل علی إیثاره التخفیف أنه
کان یدغم من الحروف ما لا یکاد یدغمه غیره، و یلیّن الساکن من الهمز، و لا یهمز همزتین و غیر ذلک.
.«3» و قال علیّ بن نصر: عن أبی عمرو: وَ لا یَأْمُرَکُمْ [آل عمران/ 80 ] برفع الراء مشبعۀ
قال أبو علی: حروف المعجم علی ضربین: ساکن و متحرك. و الساکن علی ضربین:
أحدهما: ما أصله فی الاستعمال السّکون مثل راء برد، و کاف بکر.
و الآخر: ما أصله الحرکۀ فی الاستعمال فیسکن عنها.
حرکۀ بناء، و الآخر: أن تکون حرکۀ الإعراب. ( 1) عبد «4» و ما کان أصله الحرکۀ یسکن علی ضربین، أحدهما: أن تکون حرکته
الوهاب بن عطاء بن مسلم أبو نصر الخفاف العجلی البصري ثم البغدادي (...- 206 ه؟) ثقۀ مشهور، روي القراءة عن أبی عمرو و
إسماعیل بن کثیر و أبان بن یزید عن عاصم. روي الحروف عنه أحمد بن جبیر و خلف بن هشام و غیرهم، و حدث عنه بالحروف
.(479 / محمد بن عمر الواقدي (طبقات القراء 1
.6 / 2) سبقت ترجمته 1 )
.156 - 3) السبعۀ ص 155 )
4) سقطت من (ط). )
ص: 79
و حرکۀ البناء التی تسکن علی ضربین:
أحدهما: أن یکون الحرف المسکن من کلمۀ مفردة، نحو: فخذ و سبع و إبل، و ضرب و علم. یقول من یخفف:
سبع، و فخذ، و علم و ضرب.
و الآخر: أن یکون هذا المثال من کلمتین، فیسکن علی تشبیه المنفصل بالمتصل، کما جاء ذلک فی مواضع من کلامهم نحو الإمالۀ و
:«2» وَ یَخْشَ اللَّهَ وَ یَتَّقْهِ [النور/ 52 ] و من ذلک قول العجاج «1» « أراك منتفخا » : الإدغام، و ذلک قولهم
:«3» فبات منتصبا و ما تکردسا أ لا تري أنّ نفخا من منتفخ، مثل کتف، و کذلک تقه من یتّقه، و کذلک ما أنشده أبو زید من قوله
قالت سلیمی اشتر لنا سویقا فنزّل مثل کتف. فأما حرکۀ البناء فلا خلاف فی تجویز إسکانها فی نحو ما ذکرنا من قول العرب و
النحویین. و أما حرکۀ الإعراب فمختلف فی تجویز إسکانها، فمن الناس من ینکره فیقول إن إسکانها لا یجوز من حیث کان علما
للإعراب.
و سیبویه یجوّز ذلک، و لا یفصل بین القبیلین فی الشعر، و قد روي ذلک عن العرب، و إذا جاءت الروایۀ لم تردّ بالقیاس، فمن ما
66 و 408 من هذا الکتاب. / 1) انظر 1 ) :«4» أنشده فی ذلک قوله
.408 / 2) سبق الکلام عنه. انظر 1 )
. 3) سبق فی الجزء الأول ص 410 )
4) سقطت من (ط). )
صفحۀ 45 من 237
ص: 80
:«2» و قوله «1» و قد بدا هنک من المئزر
:«4» إذا اعوججن قلت صاحب قوّم و مما جاء فی هذا النحو قول جریر :«3» فالیوم أشرب غیر مستحقب و قال
سیروا بنی العمّ فالأهواز منزلکم و نهر تیرا و لا تعرفکم العرب
297 بغیر نسبۀ و الخصائص / 1) عجز بیت صدره: رحت و فی رجلیک ما فیهما و هو فی سیبویه 2 ) :«5» و من ذلک قول وضاح الیمن
279 و نسبه للأقیشر الأسدي- و خطأ ابن الشجري فی نسبته الأبیات التی فیها الشاهد إلی الفرزدق. انظر أمالیه / 317 و فی الخزانۀ 2 /2
.37 /2
. 117 و 410 / 2) سبق فی 1 )
75 و 317 اللسان (عوم). / 297 و الخصائص 1 / 3) رجز لأبی نخیلۀ و بعده: بالدوّ أمثال السفین العوّم انظر سیبویه 2 )
4) دیوانه/ 48 - و فیه: فلم تعرفکم العرب. )
نهر تیري: نهر قدیم نواحی الأهواز حفره أردشیر ملک الفرس.
5) هو وضاح بن إسماعیل بن عبد کلال أحد أبناء الفرس الّذین قدموا مع و هرز الفارسی فقتلوا الحبشۀ و أقاموا بصنعاء، و کان )
شاعرا ظریفا غزلا جمیلا، فعشقته أم البنین بنت عبد العزیز بن مروان زوجۀ الولید بن عبد الملک، فقتله الولید (انظر نوادر
.(273 / المخطوطات: أسماء المغتالین 2
ص: 81
إنما شعري شهد قد خلط بالجلجلان
فأسکن الفتحۀ فی مثال الماضی، و هذه الفتحۀ تشبه النصبۀ. کما أن الضمۀ فی: صاحب قوّم، تشبه الرفعۀ. و جاز إسکان حرکۀ
الإعراب، کما جاز تحریک إسکان البناء، فشبّه ما یدخل علی المعرب من المتحرکات من الحرکۀ بما یدخل علی المبنی، کما شبهوا
حرکات البناء بحرکات الإعراب، فمن ثمّ أدغم نحو: ردّ، و فرّ، و عضّ و نحو ذلک، کما أدغموا نحو:
یردّ، و یشدّ. و ذلک أن حرکۀ غیر الإعراب لما کانت تعاقب علی المبنی، کما تعاقب حرکۀ الإعراب علی المعرب أدغموه، کما
أدغموا المعرب، و الحرکات المتعاقبۀ علی ذلک، نحو:
حرکۀ الهمزة إذا سکن ما قبلها، نحو: اضرب أخاك، و نحو:
حرکۀ التقاء الساکنین، و حرکۀ النونین الخفیفۀ و الشدیدة فکما شبهوا تعاقب هذه الحرکات التی للبناء علی أواخر الکلم بتعاقب
حرکات الإعراب، حتی أدغم من أدغم نحو: ردّ، و استعدّ، کما یدغم نحو: یردّ، و یستعدّ، کذلک شبهوا حرکۀ الإعراب بالبناء فی
نحو ما ذکرنا فأسکنوا.
فأما من زعم أن حذف هذه الحرکۀ لا یجوز من حیث کانت علما للإعراب، فلیس قوله بمستقیم، و ذلک أن حرکات و البیت فی
.37 / الضرائر لابن عصفور ص/ 87 و عبث الولید ص/ 315 و فی اللسان (جلل) مع اختلاف فی الروایۀ. و انظر شرح أبیات المغنی 8
و الجلجلان: حب السمسم. قال أبو العلاء: و بعضهم یرویه: قد حشی.
ص: 82
الإعراب قد تحذف لأشیاء، أ لا تري أنها تحذف فی الوقف، و تحذف من الأسماء و الأفعال المعتلّۀ. فلو کانت حرکۀ الإعراب لا
یجوز حذفها من حیث کانت دلالۀ الإعراب، لم یجز حذفها فی هذه المواضع، فإذا جاز حذفها فی هذه المواضع لعوارض تعرض، جاز
حذفها أیضا فی ما ذهب إلیه سیبویه و هو التشبیه بحرکۀ البناء، و الجامع بینهما: أنهما جمیعا زائدان. و أنها قد تسقط فی الوقف و
الاعتلال، کما تسقط التی للبناء للتخفیف.
صفحۀ 46 من 237
فإن قلت: إن سقوطها فی الوقف إنما جاز لأنه إذا وصلت الکلمۀ ظهرت الحرکۀ و یستدل علیه بالموضع.
لها بسبع، ظهرت کما تظهر «2» استدلّ علیه بالموضع، و إذا فارقت هذه الصّیغۀ التی شبّهت ،«1» قیل: و کذلک إذا أسکن نحو: هنک
التی للإعراب فی الوصل.
و مما یدل علی أن هذه الحرکۀ إذا أسکنت کانت مرادة، کما أن حرکۀ الإعراب مرادة، قولهم: رضی، و لقضو الرجل، فأسکنوا، و لم
یرجعوا الیاء و الواو إلی الأصل، حیث کانت مرادة. کذلک تکون حرکۀ الإعراب لمّا کانت مرادة، و إن حذفت لم یمتنع حذفها، و
کان حذفها بمنزلۀ إثباتها فی الجواز کما کانت الحرکۀ فیما ذکرنا کذلک.
.( فإن قلت: إنّ حرکات الإعراب تدل علی المعنی، فإذا ( 1) فی الشاهد السابق: و قد بدا هنک من المئزر. (ص 80
2) فی (ط): هذه الصنعۀ التی أشبهت. )
ص: 83
تحریک العین بالکسر فی «1» حذفت اختلّت الدّلالۀ علیه، قیل: و حرکات البناء أیضا قد تدل علی المعنی و قد حذفت، أ لا تري أن
حذر، و الضمۀ «2» نحو: ضرب یدل علی معنی، و قد جاز إسکانها، فکذلک یجوز إسکان حرکۀ الإعراب. و کذلک الکسر فی مثل
.«4» فی نحو: حذر «3»
و اعلم أن الحرکات التی تکون للبناء و الإعراب یستعملون فی الضمۀ و الکسرة منهما ضربین، أحدهما: الإشباع و التمطیط، و الآخر:
الاختلاس و التخفیف، و هذا الاختلاس و التخفیف إنما یکون فی الضمۀ و الکسرة، فأما الفتحۀ فلیس فیها إلا الإشباع و لم تخفّف
نحو: سبع و کتف، و کما لم یحذفوا الألف فی «5» الفتحۀ بالاختلاس، کما لم تخفّف بالحذف، فی نحو: جمل، و جبل، کما خفّف
الفواصل و القوافی من حیث حذفت الیاء و الواو فیهما، نحو: وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ [الفجر/ 4] و قوله:
و کما لم یبدل الأکثر من التنوین الیاء و لا الواو فی الجر و الرفع کما أبدلوا الألف فی النصب، و هذا الاختلاس، و إن «6» ... ثم لا یفر
کان الصوت فیه أضعف من التمطیط، و أخفی، فإن الحرف المختلس حرکته بزنۀ المتحرك، و علی هذا المذهب حمل ( 1) سقطت
أن من (ط).
2) فی (ط): نحو. )
3) فی (ط): و الضم. )
4) فی اللسان: رجل حذر و حذر: متیقظ. )
5) فی (ط): حذف و هو تصحیف. )
.405 / 6) سبق فی 1 )
ص: 84
فذهب إلی أنه اختلس الحرکۀ و لم یشبعها فهو بزنۀ حرف متحرك. «1» [ سیبویه قول أبی عمرو: إِلی بارِئِکُمْ [البقرة/ 54
فمن روي عن أبی عمرو الإسکان فی هذا النحو، فلعلّه سمعه یختلس فحسبه لضعف الصوت به و الخفاء إسکانا، و علی هذا یکون
قوله: وَ یُعَلِّمُهُمُ الْکِتابَ [البقرة/ 129 ] و یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ [البقرة/ 159 ] و کذلک عَنْ أَسْلِحَتِکُمْ [النساء/ 102 ] و کذلک یُزَکِّیکُمْ وَ یُعَلِّمُکُمُ
و من روي عنه ،«2» [البقرة/ 151 ] و یَوْمَ یَجْمَعُکُمْ [التغابن/ 9] وَ لا یَأْمُرَکُمْ [آل عمران/ 80 ] هذا کله علی الاختلاس مستقیم حسن
الإسکان فیها، و قد جاء ذلک فی الشعر، فلعله ظن الاختلاس إسکانا.
وَ أَرِنا مَناسِکَنا [البقرة/ 128 ] فالإسکان فیه حسن علی تشبیه المنفصل بالمتصل، و الاختلاس حسن، و لیس إسکان هذا :«3» فأمّا قوله
مثل إسکان: یَأْمُرَکُمْ، و أَسْلِحَتِکُمْ لأن الکسرة فی: أَرِنا لیست بدلالۀ إعراب، و مثل ذلک قول من قال: وَ یَتَّقْهِ و من روي الإسکان فی
حروف الإعراب فقال:
صفحۀ 47 من 237
الکلام، و قد تقدم ذکر ذلک. «4» تسکن لام الفعل، فعلی تجویز ما جاء فی الشعر و فی
فإذا حذفها لم تدلّ علی الهمزة کما تدلّ إذا ( 1) انظر سیبویه «6» متحرکۀ بحرکۀ الهمزة «5» فإن قال قائل: فهلا لم تسکن أَرِنا لأنّ الراء
297 باب الإشباع فی الجر و الرفع و غیر الإشباع و الحرکۀ کما هی. /2
2) سقطت من (ط). )
3) فی (ط): قوله تعالی. )
4) فی (ط): فی. )
5) فی (ط): لأن النون، و هو خطأ. )
6) فی هامش (ط): معنی الهمزة التی فی أصل الکلمۀ، لأن أصلها، أرئنا زیادة. )
ص: 85
أثبتها علیها، قیل: لیس هذا بشیء، أ لا تري أن الناس أدغموا: لکِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّی [الکهف/ 28 ] فذهاب الحرکۀ فی أَرِنا فی التخفیف
لیس بدون ذهابها فی الإدغام.
[ [البقرة: 58
اختلفوا فی نَغْفِرْ لَکُمْ خَطایاکُمْ [البقرة/ 58 ] فی النون و التاء و الیاء.
فقرأ ابن کثیر و أبو عمرو و عاصم و حمزة و الکسائی:
لم یسمّ فاعله. و قرأ ابن عامر تغفر لکم مضمومۀ التاء. «1» نَغْفِرْ لَکُمْ بالنون. و قرأ نافع: یغفر لکم بالیاء مضمومۀ علی ما
.«2» و لم یختلفوا فی: خَطایاکُمْ فی هذه السورة، غیر أن الکسائی کان یمیلها وحده، و الباقون لا یمیلون
قال أبو علی: حجۀ من قال: نَغْفِرْ لَکُمْ بالنون أنه أشکل بما قبله. أ لا تري أنّ قبله: وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ [البقرة/ 58 ] فکأنه قال: قلنا
ادخلوا، نغفر.
و حجۀ من قال: یغفر أنه یؤول إلی هذا المعنی، فیعلم من الفحوي أن ذنوب المکلفین و خطایاهم لا یغفرها إلا اللّه، و کذلک القول
فی من قرأ: تغفر. إلا أنّ من قال: یغفر لم یثبت علامۀ التأنیث فی الفعل لتقدّمه، کما لم یثبت لذلک فی نحو قوله: وَ قالَ نِسْوَةٌ فِی
.[ الْمَدِینَۀِ [یوسف/ 30
و من قال: تغفر فلأن علامۀ التأنیث قد ثبتت فی هذا النحو نحو قوله: قالَتِ الْأَعْرابُ [الحجرات/ 14 ] و کلا ( 1) کذا فی (ط)، و سقطت
من (م).
. 2) السبعۀ ص 156 )
ص: 86
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَۀُ [الحجر/ 83 ] و الأمران جمیعا «1» الأمرین قد جاء به التنزیل قال: وَ أَخَذَ الَّذِینَ ظَلَمُوا الصَّیْحَۀُ [هود/ 67 ] و فی موضع
کثیران.
و حسنها: أن الألف إذا کانت رابعۀ فصاعدا اطّردت فیها الإمالۀ، و الألف ،«2» فأما إمالۀ الکسائی الألف فی: خَطایاکُمْ فجوازها حسن
فی خطایا خامسۀ، و مما یبین جواز الإمالۀ فی ذلک، أنک لو سمّیت بخطایا ثم ثنّیته، لأبدلت الیاء من الألف، کما تبدل من ألف
و ألف مرامی، و نحو ذلک. و یقوي ذلک أن غزا و نحوها قد جازت إمالۀ ألفها، و إن کانت الواو تثبت فیها و ،«3» قرقري و جحجبی
فجوازها فی خطایا أولی، لأنها بمنزلۀ ما أصله الیاء، أ لا تري أن الهمزة لا ،«4» هی علی هذه العدّة، فإذا جاز فی باب غزا مع ما ذکرناه
الشائع. «6» فی قول الجمهور و الأمر الکثیر «5» تستعمل هنا
صفحۀ 48 من 237
و مما یبین ذلک أن الألف قد أبدلت من الهمزة فی العدّة التی یجوز معها تحقیق الهمزة. و ذلک إذا کانت ردفا فی نحو:
1) فی ط: موضع آخر. ) «8» أورا بها «7» و لم
من (م). « حسن » 2) سقطت )
3) قرقري: اسم موضع، و جحجبی: حی من الأنصار (اللسان) و رسمت الألف الأخیرة فی (م) ممدودة. )
4) فی (ط): ما ذکرنا. )
5) فی (ط): هاهنا. )
6) سقطت من (ط). )
7) فی (ط): لم. )
165 و لم ینسبه، و تمامه: / 8) جزء من رجز أنشده سیبویه 2 )
عجبت من لیلاك و انتیابها من حیث زارتنی و لم أورا بها قال الأعلم: الشاهد فی تخفیف الهمزة الساکنۀ من قوله: أورا، لما احتاج
إلیه من ردف القافیۀ (و هو حرف المد الذي قبل الروي) و لو حققها علی
ص: 87
و نحو:
فلو لم تنزّل منزلۀ الألف التی لا تناسب الهمزة، لم یجز وقوعها فی هذا الموضع، فإذا جاز ذلک فیها، مع أن الهمزة قد «1» ... علی رال
یجوز أن تخفف فی نحو: أورا، إذا لم یکن ردفا، فأن تجوز الإمالۀ فی خطایا أولی.
[ [البقرة: 61
النَّبِیِّینَ [البقرة/ 61 ] و النَّبِیُّونَ [البقرة/ 136 ] و النُّبُوَّةَ [آل عمران/ 79 ] و الْأَنْبِیاءَ [آل عمران/ 112 ] و النَّبِیُّ [آل :«2» و اختلفوا فی قوله
فی الهمز، و ترکه. «3» [ عمران/ 68
وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَۀً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَ ها لِلنَّبِیِّ إِنْ أَرادَ :«4» فکان نافع یهمز ذلک کلّه فی کلّ القرآن إلا فی موضعین فی سورة الأحزاب: قوله
ما یجب لأنها طرف لم یجز له من أجل الردف المضمن فی القافیۀ. :«5» [الآیۀ/ 50 ] بلا مدّ و لا همز. و قوله
و معنی: لم أورأ بها، لم أعلم بها، و حقیقته: لم أشعر بها من ورائی، لأن لام وراء همزة أصلیۀ فی قول من صغرها وریئۀ، فحمل الفعل
علی هذا التقدیر. و من جعل همزة وراء منقلبۀ قال فی تصغیرها: وریۀ.
و یقال: معنی: لم أورأ بها: لم أغر، و أصله: لم أوأر، ثم قلب إلی أورأ.
یقال: أورأته بکذا: إذا أغریته به. و الانتیاب: القصد و الإلمام. و خاطب نفسه فی البیت الأول، ثم أخبر عن نفسه فی البیت الآخر لأن
من کلامهم أن یترکوا الخطاب للإخبار، و الإخبار للخطاب اتساعا بعلم السامع.
.(165 / (طرة الکتاب 2
. 1) سبق انظر ص 13 )
2) فی (ط) قوله عز و جل. )
3) وردت هذه الکلمات ما بین القوسین فی (ط) مهموزة. )
4) فی (ط): قوله عز و جل. )
5) فی (ط): قوله تعالی. )
ص: 88
صفحۀ 49 من 237
و «2» هذا قول المسیبی ،«1» لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا [الآیۀ/ 53 ] و إنما ترك همز هذین لاجتماع همزتین مکسورتین من جنس واحد
قالون، و قال ورش عن نافع: إنه کان یهمزها جمیعا، إلا أنه کان یروي عن نافع: أنه کان یترك الهمزة الثانیۀ فی المتّفقتین و
و کان الباقون لا ،«5» و: بیوت النبیء یلا «4» فیقول فیه للنبیء ان اراد، مثل: النّبیعن راد ،«3» المختلفتین، و تخلف الأولی الثانیۀ
.«6» یهمزون من ذلک شیئا
قال أبو زید: نبأت من أرض إلی أخري، فأنا أنبأ نبأ و نبوءا: إذا خرجت منها إلی أخري، و لیس اشتقاق النبیء من هذا و إن کان من
لفظه، و لکن من النبأ الذي هو الخبر، کأنه المخبر عن اللّه سبحانه. فإن قلت: لم لا یکون من النباوة، و مما أنشده أبو عثمان قال:
:«7» أنشدنی کیسان
محض الضّریبۀ فی البیت الذي وضعت فیه النّباوة حلوا غیر ممذوق
أو یجوّز فیه الأمرین، فتقول: إنه یجوز أن یکون من النباوة، و من النبأ، کما أجزت فی عضۀ أن تکون من الواو، لقوله: ( 1) أولاهما
همزة النبیء، و الثانیۀ همزة إن و إلا فی الآیتین.
.375 / 2) سبقت ترجمته فی 1 )
3) عبارة کتاب السبعۀ هنا: و کان ورش یروي عن نافع أنه کان یهمز من المتفقتین و المختلفین الأولی، و یخلف الثانیۀ. )
4) فی (م): فیقول: النبیء إن أراد مثل: النبیعین أراد. )
5) فی (ط): إلا. )
.157 - 6) السبعۀ ص 156 )
7) لم نعثر علی قائله. )
ص: 89
و من الهاء لقوله: «1» و عضوات تقطع اللهازما
زعم: أنهم یقولون فی تحقیر النّبوّة: کان مسیلمۀ نبوّته «3» فالقول: إن ذلک لیس کالعضۀ، لأن سیبویه «2» .. لها بعضاه الأرض تهزیز
نبیّئۀ سوء، و کلّهم یقول: تنبّأ مسیلمۀ، فلو کان یحتمل الأمرین جمیعا ما أجمعوا علی تنبّأ، و لا علی النّبیّئۀ، بل جاء فیه الأمران: «4»
الهمز و حرف اللین، فأن اتفقوا علی تنبّأ و النّبیّئۀ دلالۀ علی أن اللام همزة. ( 1) عجز بیت للشاعر أبی مهدیّۀ و صدره:
هذا طریق یأزم المآزما قال الأعلم: یقول من سار فی هذا الطریق بین ما حف به من العضاه تأذي بسیره فیه. و یأزم: یعض، و اللهازم
جمع لهزمۀ و هی مضغۀ فی أصل الحنک.
.38 / 38 ابن یعیش 5 /3 59 / 172 المنصف 1 / 81 - اللسان مادة (أزم)- الخصائص 1 / سیبویه 2
2) قطعۀ بیت للمتنخل الهذلی و تمامه: )
قد حال دون دریسیه مؤوّبۀ نسع لها بعضاه الأرض تهزیز
الدریس: الثوب الخلق، و المؤوّبۀ ریح تأتی لیلا، و نسع و مسع: اسم من أسماء الشمال. و العضاه: کل شجر له شوك.
.60 / اللسان مادة (هزز). دیوان الهذلیین القسم الثانی ص 16 و المنصف 1
.126 / 3) انظر 2 )
4) فی (م) نبوءته، و أثبتنا ما فی (ط) لموافقتها لسیبویه. قال ابن بري (اللسان نبأ) بعد أن نقل عبارة سیبویه: فذکر الأول غیر مصغر و )
لا مهموز- أي: قوله نبوة- لیبین أنهم قد همزوه فی التصغیر و إن لم یکن مهموزا فی التکبیر.
ص: 90
و مما یقوّي أنه من النبأ الذي هو الخبر أن النباوة الرفعۀ، فکأنه قال: فی البیت الذي وضعت فیه الرّفعۀ. و لیس کلّ رفعۀ نبوءة، و قد
صفحۀ 50 من 237
و أشدّ مطابقۀ «2» بوحی إلیه المبلّغ عنه نبیء و رسول، فهذا الاسم أخصّ به «1» تکون فی البیت رفعۀ لیست بنبوءة. و المخبر عن اللّه
فإن قلت: فلم لا تستدلّ بقولهم: أنبیاء، علی جواز الأمرین فی اللام من النبی، لأنهم قالوا: أنبیاء .«3» للمعنی المقصود إذا أخذ من النّبأ
:«4» و نباء، قال
یا خاتم النّباء إنّک مرسل بالحقّ ......
قیل: ما ذکرته لا یدلّ علی تجویز الأمرین فیه، لأن أنبیاء إنما جاء لأن البدل لما لزم فی نبیّ صار فی لزوم البدل له، کقولهم: عید و
أعیاد، فکما أن أعیادا لا تدل علی أن عیدا من الیاء، لکونه من عود الشیء، کذلک لا یدل أنبیاء علی أنه من النباوة، و لکن لمّا لزم
فیه «5» البدل جعل بمنزلۀ تقیّ و أتقیاء، و صفیّ و أصفیاء و نحو ذلک، فلما لزم صار کالبریّۀ و الخابیۀ، و نحو ذلک مما لزم الهمز
کردّ الشیء ،«6» حرف اللین بدلا من الهمزة. فما دل علی أنه من الهمز قائم لم یعترض فیه شیء، فصار قول من حقّق الهمزة فی النبیّ
إلی الأصل المرفوض استعماله ( 1) فی (ط): اللّه عز و جل.
2) فی (م): منه. )
3) رسمت همزة النبأ فی الأصل هنا و فی السابق هکذا: (النباء) علی السطر، و قد آثرنا الرسم الإملائی لها لصحۀ لفظه. )
4) قطعۀ من بیت قاله العباس بن مرداس و تمامه: )
126 اللسان (نبا). / بالحقّ کلّ هدي السبیل هداك سیبویه 2
5) فی (ط): الهمزة. )
6) فی (ط): النبیء. )
ص: 91
نحو: وذر، و ودع، فمن ثمّ کان الأکثر فیه التخفیف. فإن قلت فقد قال سیبویه: بلغنا أن قوما من أهل الحجاز من أهل التحقیق یحققون:
و إنما استردأه لأن الغالب فی استعماله التخفیف علی وجه البدل من الهمز، و ذلک الأصل ،«1» نبیئا و بریئۀ. قال: و ذلک رديء
لاستعمالهم فیه الأصل الذي قد ترکه سائرهم، لا لأن النبیء الهمز فیه غیر الأصل، و لا لأنه یحتمل «2» کالمرفوض، فردؤ عنده ذلک
وجهین کما احتمل عضۀ و سنۀ.
و من زعم أن البریّۀ من البرا الذي هو التراب کان غالطا، أ لا تري أنه لو کان کذلک لم یحقّق همزه من حقق من أهل الحجاز،
من برأ اللّه الخلق، کما أن تحقیق النبیء یدل علی أنه من النبأ، و کما کان اتفاقهم علی تنبأ یدل علی «3» فتحقیقهم لها یدل علی أنها
أن اللام فی الأصل همزة.
أن یقول: هو أصل الکلمۀ، و لیس مثل عید، الذي قد ألزم البدل، أ لا تري أن ناسا من أهل «4» [ فالحجۀ لمن همز النبیء [حیث همز
کما فعل أکثرهم، فإذا کان الهمز أصل الکلمۀ و أتی به قوم فی کلامهم .«6» و لم یبدلوها ،«5» الحجاز قد حققوا الهمزة فی الکلام
علی أصله لم یکن کماضی یدع، و نحوه مما رفض استعماله و اطّرح.
فأما ما
.170 / من أن بعضهم. قال: یا ( 1) الکتاب 2 » : روي فی الحدیث
2) فی (ط): و ردؤ ذلک عنده. )
3) فی (ط): أنه. )
4) ما بین معقوفتین سقطت من (ط). )
5) فی (ط): فی کلامهم. )
6) فی (ط): یبدلوه. )
صفحۀ 51 من 237
ص: 92
فأظنّ أن من أهل النقل من ضعّف إسناد الحدیث. و مما یقوي تضعیفه أنّ «2» « لست بنبیء اللّه، و لکنی نبیّ اللّه » :«1» نبیء اللّه! فقال
من مدح النبیّ صلّی اللّه علیه و سلّم فقال:
لم یؤثر فیه إنکار علیه فیما علمنا، و لو کان فی واحده نکیر لکان الجمع کالواحد، و أیضا فلم نعلم أنه علیه السّلام «3» یا خاتم النبآء
أنکر علی الناس أن یتکلموا بلغاتهم.
و لمن أبدل و لم یحقّق أن یقول: مجیء الجمع فی التنزیل علی أنبیاء یدل علی أن الواحد قد ألزم فیه البدل، و إذا ألزم فیه البدل
ال ن ب ي ي). قال الفراء: لا یخلو من أن یکون النبیّۀ مصدرا للنبإ، أو ) «4» ضعف التحقیق. و قال الفرّاء فی قراءة عبد اللّه النبیۀ إلی
.«5» یکون النبیّۀ مصدرا نسبه إلی النبی علیه السلام
الهمزة. «7» و القول فی ذلک أنه لا یخلو من أن یکون من النباوة التی فی قول ابن همام، أو یکون من النّبأ و قلبت :«6» [قال أبو علی
أو یکون نسبا، فلا یکون من النباوة، فیکون ( 1) فی (ط): فقال علیه السلام.
2) نقل هذا الحدیث صاحب إتحاف فضلاء البشر و قال: أخرجه الحاکم عن أبی ذر و صححه، و فیه أن الرجل أعرابی و أن أبا عبید )
علّل إنکار النبی بعدول الأعرابی عن الفصحی و أن مقتضی ذلک جواز الوجهین لغۀ. انظر ص 58 منه.
. 3) سبق قریبا فی ص 90 )
4) سقطت إلی من (م). )
5) فی (ط): صلی اللّه علیه. )
6) ما بین المعقوفتین سقطت من (ط). )
7) فی (ط): و قلب. )
ص: 93
فإذا لم یجز ذلک ثبت أنه من ] «1» مثل مطیّۀ، لأنّ فیما حکاه سیبویه من أنهم کلّهم یقولون: تنبّأ مسیلمۀ، دلالۀ علی أنه من الهمزة
و جاز أن یکون یاء ألزمت البدل من الهمزة، و علی ذلک قالوا: أنبیاء، و جاز أن یکون من قول من حقّق، إلا أنه خفف «2» [ الهمز
فوافق لفظ التخفیف عن التحقیق لفظ من یري القلب. و قد حکی سیبویه کما رأیت أن بعضهم یحقق النبیء، فإذا کان نسبا أمکن أن
من حقّق ثم «3» یکون إلی قول من حقق، و إلی قول من خفّف، و أمکن أن یکون إلی قول من أبدل. فلا یجوز أن یکون علی قول
خفّف لأنه لو کان کذلک لکان:
لأنه نسب إلی فعیلۀ، فرددت الهمزة لمّا حذفت الیاء التی کنت قلبت الهمزة فی التخفیف من أجلها، فلما لم یردّ، و قال ،«4» النبئیّۀ
النبیّۀ، علمت أن النسب إلیه علی قول من قلب الهمزة یاء، و هم الذین قالوا: أنبیاء، فحذفت الیاءین لیاءي النسب، فبقیت الکلمۀ علی
فعیّۀ. هذا علی قیاس قولهم: عبد بیّن العبدیّۀ، و قد حکاه الفرّاء.
و أما تخفیف نافع: النبیّ فی الموضعین اللذین خفف فیهما فی روایۀ المسیّبی و قالون، فالقول فی ذلک أنه لا یخلو من أن یکون ممن
یحقّق الهمزتین أو یخفّف إحداهما، فإن حقّق الهمزتین جاز أن یجعل الثانیۀ بین بین، لأن الهمزة إذا ( 1) فی (ط): الهمز.
2) ما بین المعقوفتین سقطت من (ط) و هی زیادة یستقیم الکلام بدونها. )
من (م). « قول » 3) سقطت )
4) فی حاشیۀ (ط): مثل التبعیّۀ. )
ص: 94
و إن لم یحقّق الهمزتین قلب الثانیۀ منهما یاء قلبا فقال: (للنّبیء ین) ،«1» ( کانت بین بین کانت فی حکم التحقیق، فتقول: (للنّبیء إن
صفحۀ 52 من 237
کما قلبوا فی: (أیمّۀ)، و کما قلبوا فی: جاء و شاء و یجعل المنفصل بمنزلۀ المتصل فی أیمّۀ و جاء. «2»
لم یجتمع همزتان، فإن شاء حقق الهمزة المکسورة من (إلّا) و من «3» و وجه روایۀ قالون، و المسیّبیّ: أنه إذا خفّف الهمزة من النبیء
(إن) و إن آثر التخفیف جعلهما بین الیاء و الهمزة.
[ [البقرة: 62
اشارة